العبار يؤكد عزم "نون" دخول السوق ويرفض الانجراف وراء "موضة الذكاء الاصطناعي"
في تصريحات حديثة أدلى بها خلال حدث صناعي مهم، كشف رجل الأعمال البارز محمد العبار عن خطط لشركة "نون" الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية لدخول السوق، في إشارة محتملة إلى طرح عام أولي مرتقب. وفي الوقت ذاته، شدد العبار على أن الشركة تتبنى استراتيجية استثمارية واقعية، معربًا عن تحفظه إزاء ما وصفه بـ "موضة الذكاء الاصطناعي" التي تشهدها الأسواق العالمية حاليًا.

خطط طرح "نون" في السوق
تؤكد تصريحات العبار، الذي يُعد أحد أبرز الوجوه الاقتصادية في المنطقة، النية الراسخة لـ "نون" لأن تصبح شركة مطروحة في السوق علنًا. ويُعتبر هذا الإعلان خطوة استراتيجية كبيرة للشركة التي تأسست في عام 2017، وتنافس بقوة في سوق التجارة الإلكترونية المزدهر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. من المتوقع أن يمثل الطرح المحتمل فرصة لـ "نون" لتعزيز مكانتها المالية، وتوسيع نطاق عملياتها، وجذب استثمارات إضافية لدعم نموها المستقبلي.
يأتي هذا التوجه في ظل سعي "نون" المستمر لتوسيع قاعدة عملائها وخدماتها في أسواق رئيسية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر، حيث تواجه منافسة شديدة من عمالقة التجارة الإلكترونية الآخرين. ويعكس قرار الطرح ثقة العبار ومجلس إدارة الشركة في نموذج أعمالها وقدرتها على تحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.
موقف العبار من الذكاء الاصطناعي
أوضح محمد العبار أن "نون" لن تنجرف وراء "موضة الذكاء الاصطناعي" التي تهيمن على الخطاب التكنولوجي والاستثماري في الفترة الراهنة. وبدلًا من التركيز بشكل مفرط على أحدث الابتكارات في الذكاء الاصطناعي، يؤكد العبار على أهمية بناء أساس قوي للأعمال التجارية يرتكز على خدمة العملاء الممتازة، وكفاءة العمليات اللوجستية، وتجربة المستخدم السلسة. هذه الرؤية تشير إلى نهج براغماتي يفضل الاستثمار في المكونات الأساسية التي تدعم استمرارية ونمو الأعمال على المدى الطويل، بدلاً من الانجراف وراء التقنيات التي قد لا تكون ناضجة تمامًا أو لا تقدم قيمة مضافة فورية ومستدامة لنموذج عمل الشركة.
يُبرز هذا الموقف تباينًا مع التوجه العام في قطاع التكنولوجيا العالمي، حيث تستثمر العديد من الشركات مبالغ طائلة في تطوير وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي عبر مختلف قطاعاتها. وقد يُنظر إلى هذا التحفظ كاستراتيجية حكيمة لتجنب الفقاعات الاستثمارية المحتملة والتركيز على الابتكار الذي يخدم أهدافًا تجارية واضحة ومحددة.
السياق العام لشركة "نون"
تأسست "نون" في عام 2017 بمبادرة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي ورجل الأعمال محمد العبار، بهدف إنشاء منصة تجارة إلكترونية إقليمية قوية. وقد واجهت الشركة منذ انطلاقها تحديات كبيرة، أبرزها المنافسة مع "سوق.كوم" الذي استحوذت عليه أمازون لاحقًا ليصبح "أمازون الشرق الأوسط". ومع ذلك، تمكنت "نون" من ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في السوق، بفضل استثماراتها في البنية التحتية، وتوسيع تشكيلة منتجاتها، وتقديم خدمات شحن وتوصيل تنافسية.
يعتبر سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الأسواق الأسرع نموًا عالميًا، مدفوعًا بارتفاع معدلات استخدام الإنترنت والهواتف الذكية، وتغير سلوك المستهلكين نحو التسوق عبر الإنترنت. وفي هذا السياق، يمثل دخول "نون" للسوق كشركة مطروحة علنًا علامة فارقة في تطور القطاع، مما يعزز الثقة في الإمكانات الاقتصادية للمنطقة.
الأهمية والتأثير
- بالنسبة لشركة "نون": يمثل الطرح المحتمل فرصة ذهبية لـ "نون" لجمع رؤوس أموال ضخمة يمكن استخدامها لتمويل خطط التوسع، وتطوير البنية التحتية اللوجستية، والاستثمار في الابتكار الذي يتماشى مع استراتيجيتها. كما سيعزز من شفافية الشركة وحوكمتها، مما قد يجذب شركاء ومستثمرين جدد.
- بالنسبة لسوق الأسهم الإقليمي: يمكن أن يؤدي إدراج شركة بحجم "نون" إلى تنشيط أسواق الأسهم في المنطقة، وجذب اهتمام المستثمرين المحليين والدوليين بقطاع التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط. وقد يفتح الباب أمام شركات تقنية إقليمية أخرى للنظر في خيارات الطرح العام.
- بالنسبة لقطاع التجارة الإلكترونية: سيزيد الطرح من المنافسة في السوق ويضع معايير جديدة للشركات العاملة في هذا القطاع. كما أنه يؤكد على النضج المتزايد لسوق التجارة الإلكترونية في المنطقة، الذي بات قادرًا على استضافة شركات عملاقة وتوفير عوائد مجزية للمستثمرين.
- الرؤية الاستثمارية للعبار: تُظهر تصريحات العبار مقاربة حذرة ومنضبطة للاستثمار في بيئة تكنولوجية سريعة التغير. حيث تؤكد على أهمية التركيز على القيمة الأساسية والمستدامة للأعمال، بدلاً من الانجراف وراء الضجيج التكنولوجي، وهو ما قد يلهم رواد الأعمال والمستثمرين الآخرين.
تتطلع الأسواق الآن إلى مزيد من التفاصيل حول خطط "نون" لطرح أسهمها، بما في ذلك التوقيت المحتمل والقيمة التقديرية. وتُعد هذه التطورات مؤشرًا قويًا على الديناميكية المتزايدة للاقتصاد الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومكانة محمد العبار كقائد فكري واستراتيجي في المشهد الاقتصادي.



