العراق يرفض تصريحات إيرانية حول انتخاباته ويصفها بالتدخل والاستفزاز
أعربت وزارة الخارجية العراقية، في وقت سابق من هذا الأسبوع، عن رفضها القاطع لتصريحات إيرانية صدرت مؤخراً بشأن الانتخابات البرلمانية العراقية. ووصفت بغداد هذه التصريحات بأنها «استفزازية» و«تدخل غير مقبول في الشأن الداخلي العراقي»، مؤكدة على ضرورة احترام سيادة البلاد وخصوصية قراراتها الوطنية.

جاء هذا الرفض الرسمي في سياق رد دبلوماسي سريع ومباشر على مواقف إيرانية اعتبرها العراق مساساً بسيادته. وتأتي هذه التطورات لتسلط الضوء مجدداً على العلاقة الحساسة بين البلدين الجارين، والتحديات التي تواجه العراق في الحفاظ على استقلاليته السياسية.
سياق التصريحات الإيرانية ورد الفعل العراقي
لم تفصح البيانات الرسمية العراقية عن تفاصيل دقيقة حول طبيعة التصريحات الإيرانية التي أثارت استياء بغداد، لكن تقارير إعلامية أشارت إلى أن مسؤولين إيرانيين قد أدلوا بتعليقات تتعلق بالنتائج النهائية للانتخابات العراقية أو التشكيلة المتوقعة للحكومة المقبلة. وقد تراوحت هذه التعليقات بين إبداء «مخاوف» من بعض النتائج، أو «نصائح» حول ضرورة تشكيل حكومة «توافقية» أو «شاملة»، وهو ما فُسّر في بغداد على أنه محاولة للتأثير على العملية السياسية الداخلية.
أصدرت وزارة الخارجية العراقية بياناً شديد اللهجة، أكدت فيه أن «العراق بلد ذو سيادة ولا يقبل أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية»، وأن «الانتخابات العراقية هي شأن داخلي بحت، وتعبير عن إرادة الشعب العراقي». كما شددت الوزارة على أهمية بناء العلاقات على أساس الاحترام المتبادل لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها.
خلفية الانتخابات العراقية وأهميتها
أُجريت الانتخابات البرلمانية العراقية في العاشر من أكتوبر 2021، وشهدت نسبة مشاركة هي الأدنى منذ عام 2003، حيث بلغت حوالي 44%. هذه الانتخابات كانت حاسمة بالنسبة لمستقبل العراق، إذ جاءت استجابة للمطالب الشعبية الواسعة بالإصلاح ومحاربة الفساد، والتي تفجرت في احتجاجات عام 2019. كان الهدف منها هو إفراز حكومة جديدة تتمتع بشرعية أكبر وقادرة على معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الكبيرة التي تواجه البلاد.
أسفرت النتائج الأولية للانتخابات عن تغييرات ملحوظة في الخريطة السياسية، حيث حققت بعض الكتل تقدماً بينما تراجعت أخرى. ولا تزال عملية تشكيل الحكومة الجديدة معقدة وتتطلب مفاوضات مكثفة بين مختلف القوى السياسية، مما يجعل أي تصريحات خارجية حول هذه العملية حساسة للغاية.
العلاقات العراقية-الإيرانية في ميزان السيادة
تتمتع العلاقات بين العراق وإيران بتاريخ طويل ومعقد، يتسم بالروابط الدينية والثقافية والاقتصادية القوية، ولكنه أيضاً يتخلله توترات بشأن النفوذ الإقليمي والسيادة. لطالما سعت إيران، بشكل مباشر أو غير مباشر، للتأثير على المشهد السياسي العراقي من خلال دعم فصائل سياسية ومسلحة معينة.
- الروابط التاريخية والجغرافية: يتقاسم البلدان حدوداً طويلة وتاريخاً مشتركاً، وتعتبر إيران شريكاً تجارياً رئيسياً للعراق.
- النفوذ السياسي والأمني: تمتلك إيران نفوذاً كبيراً داخل العراق عبر دعمها لبعض الأحزاب والفصائل الشيعية المسلحة، مما يثير مخاوف مستمرة بشأن استقلالية القرار العراقي.
- المحاولات العراقية لترسيخ السيادة: تسعى الحكومات العراقية المتعاقبة إلى تحقيق توازن في علاقاتها الخارجية، والحفاظ على مسافة متساوية من كافة القوى الإقليمية والدولية، مع التأكيد المستمر على سيادتها الكاملة ورفضها لأي تدخل في شؤونها.
لماذا يهم هذا الخبر؟
تأتي ردود الفعل العراقية على التصريحات الإيرانية لتؤكد على عدة نقاط محورية:
- تأكيد السيادة الوطنية: يمثل الرفض العراقي الصريح رسالة واضحة بأن بغداد لن تتسامح مع أي محاولات لتقويض سيادتها أو التأثير على مسارها الديمقراطي.
- استقرار المنطقة: يمكن أن يؤدي أي تصعيد في التوتر بين الجارتين إلى زعزعة استقرار المنطقة في وقت يحتاج فيه العراق إلى دعم إقليمي ودولي لبناء مؤسساته.
- التأثير على تشكيل الحكومة: في ظل تعقيدات مشاورات تشكيل الحكومة، يمكن أن تزيد هذه التصريحات من حدة الاستقطاب وتعيق التوصل إلى توافقات وطنية.
- رسالة للمجتمع الدولي: تعكس هذه المواقف رغبة العراق في أن يُنظر إليه كدولة مستقلة وذات سيادة، قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها بعيداً عن الإملاءات الخارجية.
يبقى الموقف العراقي، الرافض للتدخلات الخارجية، عنصراً حيوياً في مساعي البلاد لترسيخ استقرارها وتعزيز مكانتها كفاعل مستقل في المنطقة.




