بغداد تندد بالتصريحات الإيرانية حول الانتخابات وتعتبرها تدخلاً سافراً
أعربت الأوساط السياسية العراقية، مؤخراً، عن استنكارها الشديد لتصريحات صدرت عن مسؤولين إيرانيين تتعلق بالشأن الانتخابي العراقي. واعتبرت بغداد هذه التصريحات تدخلاً واضحاً ومرفوضاً في الشؤون الداخلية للبلاد، مؤكدة على ضرورة احترام سيادة العراق واستقلالية قراره الوطني، خصوصاً فيما يتعلق بالعمليات الديمقراطية ومستقبلها السياسي.

الخلفية والسياق
يمثل العراق، منذ عام 2003، ساحة سياسية معقدة تتأثر بشكل كبير بديناميكيات القوى الإقليمية، وفي مقدمتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية. تمتلك طهران نفوذاً واسعاً على العديد من الفصائل السياسية والمسلحة والمجموعات الدينية داخل العراق. يتجلى هذا النفوذ بوضوح خلال الدورات الانتخابية، حيث دأب مسؤولون إيرانيون تاريخياً على إبداء آرائهم حول النتائج المحتملة للانتخابات أو تشكيل الحكومات. وفي المقابل، لطالما أكدت بغداد على سيادتها وحق شعبها في تقرير مصيره بعيداً عن أي ضغوط خارجية. يعتبر الإطار الديمقراطي للبلاد، المبني على انتخابات حرة ونزيهة، حجر الزاوية في مرحلة ما بعد نظام صدام حسين.
التطورات الأخيرة
جاءت موجة الإدانات الأخيرة عقب تصريحات نسبت لشخصيات إيرانية لم يُكشف عن أسمائها صراحة، أو في بعض الأحيان لمسؤولين محددين (مثل مستشار للمرشد الأعلى أو قائد في الحرس الثوري الإيراني). هذه التصريحات تناولت في جوهرها نزاهة العملية الانتخابية العراقية، أو عبرت عن تفضيلات لتوجهات سياسية معينة أو لنتائج محتملة لانتخابات قادمة، سواء كانت الانتخابات المحلية المرتقبة أو انتخابات برلمانية مستقبلية. تُفسر مثل هذه التعليقات عادةً على أنها محاولات لتوجيه الرأي العام أو التأثير على قرارات الفاعلين السياسيين العراقيين.
ردود الفعل العراقية
أصدرت وزارة الخارجية العراقية اعتراضاً رسمياً فورياً، مؤكدة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، وهو مبدأ أساسي في القانون الدولي. كما رفض قادة سياسيون عراقيون بارزون، بمن فيهم أعضاء برلمان من كتل مختلفة، التصريحات الإيرانية بشدة، واصفين إياها بـ«الاعتداء المباشر على السيادة الوطنية العراقية». وأعادوا التأكيد على استقلالية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق والعملية الديمقراطية برمتها. وفي حين أن بعض الفصائل العراقية ذات الصلة الوثيقة بإيران قد تبنت ردود فعل أكثر هدوءاً أو حاولت تفسير التصريحات الإيرانية بطريقة مختلفة، إلا أن الإدانة العامة كانت واضحة. غالباً ما يتصدر شخصيات مثل مقتدى الصدر أو ائتلافات برلمانية معينة حملات الإدانة هذه.
الأهمية والتداعيات
يبرز هذا النمط المتكرر من التصريحات الإيرانية والرفض العراقي لها، التوازن الدقيق للقوى في المنطقة ونضال العراق المستمر لترسيخ هويته الوطنية المستقلة. تكتسب هذه القضية أهمية بالغة لأنها تمس جوانب أساسية من سيادة الدولة ونزاهة الديمقراطية والاستقرار الإقليمي. إن أي تدخل أجنبي، بغض النظر عن مصدره، يهدد بتقويض ثقة الجمهور في العملية الانتخابية، مما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي وتفاقم الانقسامات الداخلية. بالنسبة للعراق، فإن التمسك بسيادته في مواجهة مثل هذه الضغوط أمر بالغ الأهمية لاستقراره على المدى الطويل ودوره كفاعل مستقل في العلاقات الإقليمية والدولية.





