الفنانة سهير المرشدي تحتفي بخلود سميحة أيوب الفني وتؤكد السير على نهجها
في تصريحات حديثة لها، أدلت الفنانة المصرية الكبيرة سهير المرشدي بتصريحات مؤثرة حول مكانة وقيمة الفنانة القديرة سميحة أيوب، مؤكدة أن الأخيرة ستبقى خالدة بفنها الراقي وتأثيرها العميق على الأجيال المتعاقبة. وأوضحت المرشدي أن مسيرة الفنانين المخلصين لرسالتهم الفنية هي امتداد طبيعي لهذا النور الذي أضاءته أيوب بمسيرتها المليئة بالإنجازات والعطاء، وأن الأجيال التالية تسعى للسير على خطاها الفنية والأخلاقية.

جاءت هذه التصريحات لتسلط الضوء مجددًا على إحدى قامات الفن العربي، وتبرز قيمة الإرث الفني الذي يتركه الفنان الحقيقي، مؤكدة على أن الفن الصادق النابع من القلب والمشاعر هو وحده الكفيل بخلود صاحبه وتأبيده في ذاكرة الأمة.
سميحة أيوب: سيدة المسرح العربي وإرثها الخالد
تُعتبر الفنانة سميحة أيوب، الملقبة عن جدارة بـ 'سيدة المسرح العربي'، قامة فنية لا تضاهى في المشهد الثقافي المصري والعربي. تمتد مسيرتها لأكثر من سبعة عقود، قدمت خلالها مئات الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية التي رسخت مكانتها كواحدة من أعظم الممثلات على الإطلاق، ليس فقط بفضل موهبتها الفذة بل وأيضًا لالتزامها العميق بقضايا مجتمعها.
ولدت أيوب عام 1932، وبدأت مشوارها الفني في أواخر الأربعينيات، لتصبح سريعًا نجمة تتألق على خشبة المسرح، حيث قدمت أدوارًا متنوعة عكست قدرتها الفائقة على تجسيد الشخصيات بعمق وصدق لا مثيل لهما. من أبرز أعمالها المسرحية التي لا تزال محفورة في الذاكرة الجماعية: 'رابعة العدوية'، 'السبنسة'، و'يا سلام سلم الحيطة بتتكلم'. كما تألقت في السينما بأعمال خالدة مثل 'أرض النفاق' و'فجر الإسلام'، وفي الدراما التلفزيونية قدمت أدوارًا لا تُنسى رسخت صورتها كأيقونة فنية.
لم تكن سميحة أيوب مجرد ممثلة بارعة، بل كانت أيضًا رائدة في دعم وتطوير الحركة المسرحية. تولت مناصب قيادية عديدة، منها إدارة المسرح القومي والمسرح الحديث، مما أتاح لها فرصة التأثير المباشر في المحتوى الفني وتوجيه الأجيال الشابة. هذا الدور الريادي جعلها مرجعًا للأصالة والالتزام الفني والأخلاقي في الوسط الثقافي.
سهير المرشدي: امتداد لجيل العمالقة والتزام بالرسالة الفنية
من جانبها، تُعد الفنانة سهير المرشدي واحدة من أبرز فنانات جيلها، وقد بدأت مسيرتها الفنية في الستينيات، متأثرة بلا شك بالرواد الذين سبقوها وأسهموا في تشكيل وعيها الفني. اشتهرت المرشدي بأدائها القوي وحضورها الطاغي على خشبة المسرح وفي الدراما التلفزيونية والسينما، مقدمة أعمالاً فنية اتسمت بالعمق والجرأة في معالجة القضايا المجتمعية.
تجسد تصريحات المرشدي تقديرًا عميقًا لتراث الأجيال السابقة، وتؤكد على مفهوم 'الاستمرارية الفنية' و'توريث الخبرات'. فكونها تقول 'إحنا ماشيين في نورها' لا يعني فقط الإعجاب بشخص سميحة أيوب أو موهبتها الفردية، بل هو إقرار بالمنهج الفني الذي أسست له أيوب ومن جيلها: منهج الإخلاص للفن، والصدق في التعبير، والالتزام بالقضايا الإنسانية والاجتماعية التي تعكس الواقع وتساهم في تطوير الوعي العام. هذه الكلمات تؤكد على أن الفن الحقيقي هو رسالة تنتقل من جيل إلى جيل، ويجب الحفاظ عليها وتطويرها.
مفهوم الخلود الفني وأهميته في السياق الثقافي
إن فكرة 'الخلود الفني' التي طرحتها سهير المرشدي في وصفها لسميحة أيوب، تتجاوز مجرد الإشادة الفردية لتلامس جوهر الفن ودوره في حفظ التراث الثقافي وتعزيز الهوية. فالفنان الحقيقي الذي يقدم أعمالاً تتسم بالعمق والصدق، يستطيع أن يترك بصمة لا تمحوها السنوات، وأن يظل حاضرًا في وجدان الأجيال المتعاقبة من خلال أعماله التي تتحدث عن نفسها وتتفاعل مع كل زمان ومكان.
يؤكد هذا المفهوم على أن القيمة الحقيقية للفنان لا تكمن في الشهرة العابرة أو النجاح اللحظي، بل في مدى قدرته على إبداع فن يتجاوز الزمان والمكان، ويتفاعل مع قضايا الإنسان الأساسية ويكشف عن جوانب خفية من الوجود الإنساني. ولهذا، يظل فن سميحة أيوب مرجعًا حيًا للصدق والأداء المتفرد، ينهل منه كل من يسعى للتميز والإخلاص في مجاله، فهو ليس مجرد تاريخ بل هو مصدر إلهام متجدد.
التأثير على الأجيال الجديدة والحفاظ على التراث الفني
إن كلمات سهير المرشدي ليست مجرد شهادة في حق زميلة وصديقة فحسب، بل هي دعوة ضمنية للأجيال الفنية الشابة لاستلهام هذا النهج الذي أسس له عمالقة الفن. ففي عصر تتسارع فيه وتيرة التغيرات وتكثر فيه أشكال التعبير الفني، يظل التمسك بالقيم الأساسية التي أرساها عمالقة الفن أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرارية الفن الجاد والملتزم.
التراث الفني الذي تركه فنانون مثل سميحة أيوب يمثل كنزًا لا يقدر بثمن للأجيال الحالية والقادمة. فهو ليس فقط سجلًا لتاريخ الفن، بل هو أيضًا مصدر إلهام ودليل عمل للممثلين والكتاب والمخرجين الصاعدين. ولهذا، فإن 'السير في نورها' يعني استيعاب هذا التراث، وفهم أصوله، وتطويره، وتقديمه بروح معاصرة دون المساس بجوهره الأصيل وقيمه الجوهرية.
من المهم أن تظل هذه الأصوات الفنية محفورة في الذاكرة الجمعية، وأن تُنقل قصص نجاحهم وتضحياتهم، وأن تبرز مساهماتهم العميقة في تشكيل الوعي الثقافي والفني ليكونوا قدوة يحتذى بها في المثابرة والإبداع والالتزام. وهذا ما تحاول سهير المرشدي التعبير عنه من خلال تسليط الضوء على مكانة سميحة أيوب الخالدة وتأكيدها على ضرورة متابعة هذا المسار المضيء.





