القاهرة تحث حماس على إنهاء الإعدامات الميدانية في غزة
تجري في العاصمة المصرية القاهرة محادثات حساسة بين مسؤولين مصريين ووفد رفيع المستوى من حركة حماس، حيث برزت قضية "الإعدامات الميدانية" التي تنفذ في قطاع غزة بحق متهمين بالتعاون مع إسرائيل كنقطة خلاف رئيسية. وأفادت مصادر دبلوماسية خلال الأيام القليلة الماضية أن مصر نقلت رسالة واضحة لقيادة الحركة، تعرب فيها عن قلقها البالغ وتطالب بوقف فوري لهذه الممارسات التي تعتبرها تقويضاً لسيادة القانون وتزيد من تعقيد المشهد الإنساني والسياسي في القطاع.

تفاصيل المباحثات والموقف المصري
وصل وفد قيادي من حركة حماس إلى القاهرة مؤخراً لاستئناف المباحثات المتعلقة بعدة ملفات ملحة، أبرزها مفاوضات وقف إطلاق النار، وإدارة معبر رفح، والترتيبات السياسية لمستقبل حكم قطاع غزة. إلا أن المحادثات اتخذت منحى أكثر توتراً بعد أن طرح الجانب المصري بقوة مسألة الإعدامات التي تتم خارج أي إطار قضائي. ترى القاهرة أن هذه العمليات، التي يتم تصوير بعضها ونشرها، تضر بصورة المقاومة الفلسطينية وتوفر مبررات للمجتمع الدولي للتشكيك في قدرة الفلسطينيين على إقامة دولة تحترم حقوق الإنسان.
ويستند الموقف المصري إلى عدة مخاوف جوهرية:
- غياب الإجراءات القانونية: تعتبر مصر أن هذه الإعدامات هي عمليات قتل خارج نطاق القضاء، وتفتقر إلى التحقيق والمحاكمة العادلة، مما يفتح الباب أمام الفوضى وتصفية الحسابات الشخصية تحت غطاء مقاومة الاحتلال.
- التأثير على الاستقرار الداخلي: تحذر السلطات المصرية من أن هذه الممارسات قد تؤدي إلى إشعال فتن داخلية في غزة، وخلق حالة من انعدام الثقة بين السكان والفصائل المسلحة.
- الأبعاد الإقليمية: تخشى مصر من أن حالة الفوضى الأمنية في غزة قد تمتد لتؤثر على أمنها القومي، خاصة في منطقة سيناء المجاورة للقطاع.
خلفية الأحداث وسياقها الأوسع
جاءت الضغوط المصرية في أعقاب تزايد التقارير الإعلامية والحقوقية حول تنفيذ عمليات إعدام ميدانية في مناطق مختلفة من قطاع غزة ضد أشخاص اتُهموا بتقديم معلومات للجيش الإسرائيلي ساهمت في استهداف مقاتلين أو مواقع حساسة. من جانبها، تبرر الفصائل المسلحة، وعلى رأسها حماس، هذه الإجراءات بأنها ضرورة أمنية في زمن الحرب لردع من وصفتهم بـ "العملاء" والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية.
وتلعب مصر دوراً تاريخياً كوسيط رئيسي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتعتبر استقرار الأوضاع في غزة جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي. لذا، فإن تحركها يأتي في سياق جهودها المستمرة لإدارة الأزمة الحالية ومنع تدهورها إلى مستويات لا يمكن السيطرة عليها. تسعى القاهرة إلى الدفع نحو إيجاد آلية قضائية، حتى لو كانت عسكرية وسريعة، للتعامل مع المتهمين بالخيانة، بدلاً من الإعدامات العلنية التي تزيد من حدة التوتر.
التداعيات المحتملة وأهمية الحوار
تكتسب هذه المباحثات أهمية بالغة، حيث إن موقف حركة حماس من المطالب المصرية سيكون له تأثير مباشر على مستقبل العلاقة بين الطرفين. إن استجابة الحركة للمخاوف المصرية قد تعزز من دور القاهرة كوسيط موثوق وتسهل من التوصل إلى تفاهمات حول ملفات أخرى، مثل إعادة الإعمار وإدارة المعابر. في المقابل، قد يؤدي تجاهل هذه المخاوف إلى فتور في العلاقات، مما قد يعقد جهود الوساطة ويزيد من عزلة قطاع غزة.
وتستمر اللقاءات في القاهرة وسط ترقب لما ستسفر عنه من نتائج، حيث يأمل المراقبون أن يتم التوصل إلى صيغة توازن بين المتطلبات الأمنية للحركة في ظل الحرب، وضرورة الحفاظ على الحد الأدنى من الإجراءات القانونية واحترام حقوق الإنسان، وهو ما تعتبره مصر شرطاً أساسياً لأي حل سياسي مستقبلي في القطاع.





