القوات الإسرائيلية تهدم منازل شرق قطاع غزة
تتوالى التقارير من قطاع غزة حول استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، التي تضمنت في الآونة الأخيرة هدم وتدمير منازل وممتلكات فلسطينية في المناطق الشرقية للقطاع. وتأتي هذه التطورات في سياق أوسع للعمليات الجارية، والتي يقول الجيش الإسرائيلي إنها تهدف إلى تفكيك البنية التحتية للجماعات المسلحة ومنع التهديدات الأمنية، بينما يندد الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان بها باعتبارها انتهاكات للقانون الدولي وعمليات عقاب جماعي تؤدي إلى تهجير المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية.

خلفية وتاريخ العمليات في المناطق الشرقية
تعتبر المناطق الشرقية لقطاع غزة، بما في ذلك الأجزاء الشرقية لمخيم البريج ومناطق أخرى محاذية للحدود الفاصلة مع إسرائيل، مناطق تماس ساخنة وشهدت تاريخياً عمليات عسكرية مكثفة. هذه المناطق غالباً ما تكون نقطة انطلاق للاشتباكات واختراق الحدود، مما يجعلها هدفاً متكرراً للعمليات الإسرائيلية. لطالما شهدت البلدات والقرى الواقعة في هذه الحواشي، مثل القرارة وخزاعة والفراحين شرق خان يونس، وبعض أجزاء بيت حانون وشرق مدينة غزة، أعمال تجريف وهدم للمنازل والأراضي الزراعية.
يعود تاريخ هدم المنازل في قطاع غزة إلى عقود، حيث تذرعت القوات الإسرائيلية في العديد من الحالات بضرورات أمنية، مثل توسيع المناطق العازلة، أو تدمير الأنفاق، أو تدمير مواقع الإطلاق. وقد أدت هذه السياسات إلى نزوح آلاف الأسر الفلسطينية وتدمير سبل عيشهم، خاصة تلك التي تعتمد على الزراعة في الأراضي المتاخمة للحدود. وتتسم هذه المناطق بكثافة سكانية عالية نسبياً، مما يجعل تأثير عمليات الهدم أكثر فداحة على المجتمعات المحلية.
التطورات الأخيرة والشهادات الميدانية
أفادت مصادر محلية ووسائل إعلام فلسطينية، في الأيام الأخيرة، بوقوع عمليات نسف وهدم واسعة النطاق لمنازل ومبانٍ سكنية في الأحياء الشرقية لمخيم البريج وسط القطاع، بالإضافة إلى مناطق أخرى شرق مدينة غزة وشرق خان يونس. هذه العمليات تأتي ضمن توغل بري متجدد للقوات الإسرائيلية في بعض المحاور، والتي غالباً ما تشمل آليات ثقيلة مثل الجرافات والدبابات.
- شهود عيان تحدثوا عن سماع دوي انفجارات ضخمة وشاهدوا تصاعد ألسنة الدخان من المناطق المستهدفة، تلاها مشاهد لتسوية منازل بالأرض.
- تركزت بعض العمليات في مناطق يُعتقد أنها تضم شبكة أنفاق أو مواقع إطلاق صواريخ وفقاً للرواية الإسرائيلية، ولكنها شملت أيضاً منازل مدنية ليست بالضرورة مرتبطة بأي نشاط عسكري.
- أشارت تقارير إلى أن بعض المنازل المستهدفة تم إخلاؤها قسراً قبل نسفها، بينما فر سكان آخرون من المنطقة تحت وطأة القصف والاشتباكات.
- تسببت هذه العمليات في زيادة أعداد النازحين داخل القطاع، الذين يعانون أصلاً من ظروف إنسانية قاسية للغاية ونقص حاد في المأوى والموارد الأساسية.
الجيش الإسرائيلي لم يقدم تفاصيل فورية حول كل حادثة هدم على حدة، لكنه عادة ما يصدر بيانات عامة تؤكد أن هذه الإجراءات جزء لا يتجزأ من جهوده لإزالة التهديدات الإرهابية وحماية جنوده ومواطنيه. هذه الرواية تتعارض بشكل حاد مع تأكيدات الفلسطينيين ومنظمات حقوق الإنسان، التي تعتبر هدم المنازل في هذه الظروف جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي.
تأثيرات الهدم وردود الفعل
لعمليات هدم المنازل في شرق غزة تداعيات إنسانية واجتماعية واقتصادية وخيمة. فإلى جانب فقدان المأوى، يخسر السكان ممتلكاتهم ومستنداتهم الشخصية وذكرياتهم، مما يزيد من صدماتهم النفسية. تتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع جراء هذه العمليات، حيث تزداد أعداد الأسر التي تحتاج إلى مأوى طارئ ومساعدات غذائية وصحية.
منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية، مثل هيومن رايتس ووتش وبتسيلم، دأبت على توثيق حالات هدم المنازل في غزة والضفة الغربية، معتبرة إياها انتهاكات للقانون الدولي، وخاصة المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر تدمير الممتلكات الشخصية والعامة إلا في حالات الضرورة العسكرية القصوى، وهو ما نادراً ما يتم إثباته. وتؤكد هذه المنظمات أن العديد من عمليات الهدم ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي، وهو محظور بموجب القانون الدولي.
على الصعيد السياسي، أدان المسؤولون الفلسطينيون، بما في ذلك وزارة الخارجية الفلسطينية، بشدة هذه الإجراءات، داعين المجتمع الدولي للتدخل لوقف ما وصفوه بـ "العدوان الإسرائيلي المستمر" على المدنيين وممتلكاتهم. بينما تظل ردود الفعل الدولية متباينة، مع دعوات متكررة من الأمم المتحدة وغيرها لحماية المدنيين واحترام القانون الدولي.
أهمية هذه الأخبار
تكتسب هذه الأخبار أهمية بالغة لأنها تعكس استمرار ديناميكيات الصراع في المنطقة وتأثيراتها المدمرة على السكان المدنيين. هدم المنازل ليس مجرد خسارة مادية، بل هو ضربة قوية للاستقرار المجتمعي وسبل العيش، ويزيد من مرارة الفلسطينيين ويقلل من آفاق أي تسوية سياسية مستقبلية. كما أنه يسلط الضوء على استمرار الجدل حول شرعية وضرورة العمليات العسكرية التي تستهدف البنية التحتية المدنية في مناطق النزاع.
تتطلب هذه التطورات متابعة مستمرة لتقييم مدى الامتثال للقانون الدولي وتوثيق الانتهاكات المحتملة، لضمان المساءلة في نهاية المطاف. كما أنها تدفع إلى إعادة التفكير في السبل الكفيلة بحماية المدنيين وممتلكاتهم في سياق النزاعات المسلحة، وتشكل تذكيراً صارخاً بالتكلفة البشرية للصراع المستمر في غزة.





