انخفاض أسعار الفائدة على شهادات الادخار: نظرة على العائد الحالي في أبرز 11 بنكًا مصريًا
شهدت الأسابيع الأخيرة تعديلاً ملحوظاً في أسعار العائد على شهادات الادخار بالجنيه المصري في عدد من البنوك الكبرى العاملة في السوق، حيث بدأت العوائد في التراجع تدريجياً عن مستوياتها القياسية التي سجلتها في وقت سابق من العام. يأتي هذا التحول في أعقاب استقرار نسبي في السياسة النقدية للبنك المركزي المصري بعد فترة من التشديد النقدي المكثف لمواجهة التضخم.

خلفية عن ارتفاع أسعار الفائدة
خلال الربع الأخير من عام 2023 ومطلع عام 2024، اتخذ البنك المركزي المصري خطوات حاسمة لكبح جماح التضخم المرتفع ودعم قيمة الجنيه، وكان أبرز هذه الخطوات هو رفع أسعار الفائدة الأساسية بشكل كبير. وبلغ هذا التوجه ذروته في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية في مارس 2024، حيث تم رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 600 نقطة أساس. استجابةً لذلك، سارعت البنوك الحكومية الكبرى، وعلى رأسها البنك الأهلي المصري وبنك مصر، بطرح شهادات ادخار لمدة عام واحد بعوائد غير مسبوقة تاريخياً، وصلت إلى 27% سنوياً للعائد الذي يُصرف في نهاية المدة، و23.5% سنوياً للعائد الذي يُصرف شهرياً، بهدف جذب السيولة من السوق والمساهمة في السيطرة على الأسعار.
التطورات الأخيرة وقرارات البنك المركزي
مع نجاح هذه الشهادات في جمع سيولة ضخمة تجاوزت مئات المليارات من الجنيهات، ومع ظهور مؤشرات على تباطؤ وتيرة التضخم، بدأ المشهد يتغير. ففي اجتماعاته التالية، مثل اجتماع مايو 2024، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير. فُسّر هذا القرار على نطاق واسع بأنه إشارة إلى أن دورة التشديد النقدي قد بلغت ذروتها، وأن البنك المركزي قد ينتقل إلى مرحلة من الاستقرار قبل التفكير في خفض الفائدة مستقبلاً. بناءً على هذه المعطيات، أوقفت البنوك إصدار الشهادات ذات العائد الاستثنائي (27%) وبدأت في الترويج لمنتجات ادخارية أخرى بعوائد أقل ولكنها لا تزال تنافسية.
أسعار العائد الحالية في البنوك الرئيسية
لم تعد الشهادات ذات العائد المرتفع لمدة عام متاحة للشراء الجديد، وتحول التركيز الآن إلى الشهادات متوسطة وطويلة الأجل، خاصة ذات مدة الثلاث سنوات، والتي تقدمها البنوك بأسعار فائدة جديدة. وفيما يلي نظرة عامة على أبرز العوائد المتاحة حالياً في بعض البنوك الكبرى:
- البنك الأهلي المصري وبنك مصر: يقدم البنكان شهادة ادخار ثلاثية بعائد متناقص يبدأ من 22% في السنة الأولى، ثم 18% في السنة الثانية، و16% في السنة الثالثة. كما يطرحان شهادة ثلاثية أخرى بعائد ثابت يبلغ 19% سنوياً يُصرف شهرياً.
 - البنك التجاري الدولي (CIB): يوفر شهادة ادخار لمدة ثلاث سنوات بعائد ثابت يصل إلى 20% سنوياً، ولكنه يتطلب حداً أدنى مرتفعاً نسبياً لربط الشهادة.
 - بنوك أخرى: تتراوح أسعار الفائدة على الشهادات الثلاثية في بنوك أخرى مثل بنك قطر الوطني الأهلي (QNB Alahli) وبنك القاهرة بين 18% و19.5% سنوياً، مع اختلاف دورية صرف العائد وشروط الإصدار.
 
أسباب تراجع العائد وأثره على المدخرين
يعود السبب الرئيسي وراء تراجع العوائد على الشهادات الجديدة إلى عدة عوامل مترابطة. أولاً، تحقق الهدف الأساسي من الشهادات مرتفعة العائد وهو امتصاص السيولة الفائضة من السوق. ثانياً، يمثل الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة تكلفة كبيرة على البنوك، مما قد يؤثر سلباً على ربحيتها وقدرتها على تمويل الاستثمارات والقروض بأسعار معقولة. وأخيراً، يعكس هذا التراجع توقعات بانخفاض معدلات التضخم خلال الفترة القادمة، مما يجعل العوائد الجديدة متوافقة مع البيئة الاقتصادية المستقبلية. بالنسبة للمدخرين، يعني هذا التطور إغلاق نافذة الحصول على عوائد استثنائية قصيرة الأجل، ويوجههم نحو التفكير في خيارات ادخارية أطول أجلاً لتحقيق توازن بين العائد المستقر والحفاظ على قيمة مدخراتهم على المدى المتوسط.





