انطلاق النسخة الرابعة من معرض "بينالسور" الفني الدولي بمشاركة متاحف عالمية
شهدت الساحة الفنية العالمية مؤخرًا انطلاق النسخة الرابعة من معرض "بينالسور" (Bienalsur)، الحدث الفني المعاصر الدولي الذي يهدف إلى إعادة تعريف خريطة الفن العالمي من خلال منصة لامركزية فريدة. يشارك في هذه الدورة عدد كبير من المتاحف والمؤسسات الثقافية من مختلف القارات، مما يؤكد على الطابع الشامل والعابر للحدود لهذا الملتقى الفني. تُقام فعاليات المعرض بشكل متزامن في عشرات المدن حول العالم، مقدمةً تجربة فنية غنية ومتنوعة للجمهور الدولي.

خلفية وأهداف "بينالسور"
تأسس معرض "بينالسور" عام 2017 بمبادرة من الجامعة الوطنية لـ "تريس دي فيبريرو" (UNTREF) في الأرجنتين، وسرعان ما رسخ مكانته كواحد من أبرز الأحداث الفنية المعاصرة. يتميز المعرض بنموذج تنظيمي فريد يكسر الحواجز الجغرافية والثقافية التقليدية التي غالبًا ما تحد من انتشار الفن. فبدلاً من التركيز على موقع واحد، ينظم "بينالسور" معارض متزامنة في أماكن متعددة تتراوح بين المتاحف المرموقة والمعارض المستقلة وحتى الفضاءات العامة غير التقليدية في مدن تمتد من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا وآسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.
الهدف الأساسي لـ "بينالسور" هو بناء "خريطة الجنوب العالمي" (Global South cartography) للفن المعاصر، وذلك بتعزيز الحوار الثقافي العابر للحدود وتوفير منصة للفنانين من مناطق متنوعة، بعيدًا عن المراكز الفنية التقليدية المهيمنة. يسعى المعرض إلى إتاحة الفن للجميع، وتشجيع التفكير النقدي حول القضايا العالمية المشتركة، مع التركيز على أهمية التبادل الثقافي والتفاهم بين الشعوب.
تفاصيل النسخة الرابعة
تواصل النسخة الرابعة، التي انطلقت في سبتمبر 2023، توسيع نطاق تأثير "بينالسور" العالمي. تشارك في هذه الدورة مؤسسات فنية من أكثر من 28 دولة، وتستضيف ما يزيد عن 150 فنانًا من مختلف الجنسيات. تُعرض أعمال هؤلاء الفنانين في أكثر من 120 موقعًا موزعة على أكثر من 70 مدينة حول العالم، مما يجعلها واحدة من أكثر الفعاليات الفنية انتشارًا على الإطلاق.
تركز مواضيع هذه الدورة على مجموعة من القضايا الملحة والمعاصرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: التحديات البيئية، والهجرة والتنقل البشري، وتأثير التكنولوجيا على المجتمع، وأهمية الذاكرة والتاريخ المشترك. تسعى الأعمال الفنية المعروضة إلى تحفيز المشاهدين على التأمل في هذه القضايا وفتح آفاق جديدة للنقاش.
من بين أبرز المتاحف والمؤسسات المشاركة، التي تسهم في استضافة هذه الأعمال، نجد مؤسسات بارزة في مدن كـ بوينس آيرس، وساو باولو، وباريس، ومدريد، وبرلين، وطوكيو، ونيودلهيا، بالإضافة إلى مدن في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. هذا الانتشار الجغرافي الواسع يعكس التزام "بينالسور" بتقديم الفن في سياقات ثقافية متنوعة، وتجاوز الحدود الجمالية والمؤسسية التقليدية.
تتضمن فعاليات المعرض، إلى جانب العروض الفنية الرئيسية، برامج تعليمية وورش عمل ومؤتمرات ولقاءات مع فنانين وقيّمين، مما يعزز البعد التفاعلي للمعرض ويسهم في بناء مجتمع فني عالمي مترابط.
الأهمية والتأثير
يمثل تنظيم النسخة الرابعة من "بينالسور" حدثًا ذا أهمية كبيرة للعديد من الأسباب:
- تعزيز الحوار الثقافي: من خلال جمع فنانين ومؤسسات من خلفيات متنوعة، يساهم المعرض في بناء جسور التفاهم والتقدير المتبادل بين الثقافات المختلفة.
- إضفاء الطابع الديمقراطي على الفن: بنموذجه اللامركزي، يتيح "بينالسور" الفرصة لشرائح أوسع من الجمهور للوصول إلى الفن المعاصر، خارج نطاق المراكز الفنية الكبرى.
- تسليط الضوء على أصوات جديدة: يوفر المعرض منصة حيوية للفنانين من مناطق قد لا تحظى بتمثيل كافٍ في المشهد الفني العالمي، مما يسهم في إثراء هذا المشهد بمنظورات جديدة ومبتكرة.
- ابتكار نماذج تنظيمية: يمثل "بينالسور" نموذجًا رائدًا في تنظيم الفعاليات الفنية الدولية، مظهرًا كيف يمكن للتعاون والتنسيق عبر الحدود أن ينتج حدثًا فنيًا مؤثرًا وواسع النطاق.
- التأثير الاقتصادي والثقافي: يساهم المعرض في تنشيط الحركة الثقافية والسياحية في المدن المستضيفة، كما يعزز من مكانة الفن كوسيلة للتعبير عن الهوية والقضايا الاجتماعية.
بشكل عام، تؤكد النسخة الرابعة من "بينالسور" على رؤيتها الرامية إلى بناء شبكة عالمية من المؤسسات والأفراد المؤمنين بقوة الفن كأداة للتغيير الاجتماعي والحوار البناء. يتجاوز هذا الحدث كونه مجرد سلسلة من المعارض؛ إنه يمثل حركة فنية عالمية تسعى إلى تحدي المفاهيم التقليدية حول الحدود والفن والجغرافيا، مقدمًا رؤية مستقبلية لمشهد فني أكثر شمولاً وتنوعًا وتفاعلًا. ومع استمرار فعالياته، يترقب الجمهور والمهتمون بالفن حول العالم المزيد من الإبداعات والتبادلات الثقافية التي سيقدمها هذا المعرض الفريد.




