باكستان تجدد التزامها بالحوار لحل القضايا العالقة مع أفغانستان
جددت الحكومة الباكستانية تأكيدها على أن الحوار يمثل السبيل الأساسي لحل كافة الخلافات القائمة مع أفغانستان، وذلك في تصريحات صدرت مؤخراً على لسان وزير الشؤون البرلمانية، طارق فضل شودري. يأتي هذا الموقف في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين الجارين توترات متصاعدة، تغذيها ملفات أمنية واقتصادية شائكة، مما يجعل من الدعوة إلى الحوار خطوة مهمة رغم التحديات العملية التي تواجهها.

خلفية التوترات الراهنة
تعود جذور التوتر الحالي بين إسلام آباد وكابول إلى مجموعة من القضايا المعقدة والمتشابكة، أبرزها الملف الأمني. تتهم باكستان حكومة طالبان في أفغانستان بتوفير ملاذات آمنة لعناصر حركة طالبان باكستان (TTP)، وهي جماعة مسلحة تشن هجمات دامية داخل الأراضي الباكستانية منذ سنوات. من وجهة نظر باكستان، تزايدت وتيرة هذه الهجمات بشكل ملحوظ منذ سيطرة طالبان على السلطة في كابول في أغسطس 2021، وهو ما تعتبره إسلام آباد إخفاقاً من جانب السلطات الأفغانية في الوفاء بتعهداتها بمنع استخدام أراضيها لتهديد أمن دول الجوار.
في المقابل، تنفي حكومة طالبان الأفغانية هذه الاتهامات بشكل متكرر، مؤكدة أن قضية حركة طالبان باكستان هي شأن داخلي باكستاني. كما تشدد على أنها لا تسمح لأي جهة بشن هجمات انطلاقاً من أفغانستان، وتدعو باكستان إلى معالجة مشاكلها الأمنية داخل حدودها.
تطورات رئيسية ومواقف متبادلة
شهدت الأشهر الأخيرة عدة تطورات أدت إلى تفاقم الأزمة بين البلدين. لعل أبرز هذه التطورات هو قرار باكستان في أواخر عام 2023 بترحيل مئات الآلاف من المهاجرين الأفغان غير المسجلين، وهي خطوة أثارت انتقادات دولية واسعة وقوبلت باستياء من كابول التي اعتبرتها وسيلة للضغط السياسي وتجاهلاً للظروف الإنسانية الصعبة. وشملت الإجراءات الباكستانية أيضاً فرض قيود مشددة على المعابر الحدودية الرئيسية مثل معبر تورخام، مما أثر سلباً على حركة التجارة والأفراد، وتسبب في خسائر اقتصادية للطرفين، لا سيما أفغانستان التي تعتمد بشكل كبير على الموانئ الباكستانية في تجارتها الخارجية.
يمكن تلخيص أبرز نقاط الخلاف والتصعيد الأخيرة في الآتي:
- زيادة الهجمات المسلحة: استمرار الهجمات التي تتبناها حركة طالبان باكستان ضد أهداف عسكرية ومدنية في باكستان.
- سياسة الترحيل: إصرار باكستان على سياستها تجاه المهاجرين الأفغان رغم الدعوات الدولية للتراجع عنها.
- القيود التجارية: إغلاق وتعطيل المعابر الحدودية بشكل متقطع، مما يعيق التدفق التجاري الحيوي.
- حرب التصريحات: تبادل المسؤولين من كلا البلدين للاتهامات عبر وسائل الإعلام، مما يزيد من انعدام الثقة.
أهمية الحوار وآفاق المستقبل
على الرغم من التصعيد الحاد، يدرك الطرفان أن الحوار والتنسيق المشترك يظلان ضرورة لا مفر منها نظراً للروابط الجغرافية والتاريخية والثقافية العميقة بينهما. إن استقرار أفغانستان يعد عنصراً حيوياً لأمن باكستان، كما أن التعاون الاقتصادي يمثل مصلحة مشتركة للبلدين. ولهذا السبب، تستمر التصريحات الرسمية، كتلك التي أدلى بها الوزير شودري، في التأكيد على الالتزام بالحلول الدبلوماسية. يرى المراقبون أن أي تقدم في العلاقات يتطلب بناء ثقة متبادلة واتخاذ خطوات عملية، خصوصاً فيما يتعلق بالتعاون الأمني على الحدود ومكافحة الجماعات المسلحة، بالإضافة إلى إيجاد حلول إنسانية ومستدامة لقضية اللاجئين والتنقل عبر الحدود.




