برشلونة يعلن عن ميزانية تتجاوز المليار يورو للموسم المالي الجاري
كشفت تقارير حديثة عن إعلان نادي برشلونة الإسباني عن تفاصيل ميزانيته التشغيلية للموسم المالي الجاري (2024/2025)، والتي تتجاوز حاجز المليار يورو. يأتي هذا الإعلان في سياق جهود النادي المستمرة لتحقيق الاستقرار المالي والعودة إلى قمة المنافسة على الصعيدين المحلي والأوروبي، بعد فترة صعبة شهدت تحديات اقتصادية كبيرة ألقت بظلالها على أدائه الرياضي والإداري.

خلفية الأزمة والتعافي المالي
شهد نادي برشلونة خلال السنوات الماضية تراكمًا كبيرًا للديون وارتفاعًا هائلاً في فاتورة الرواتب، مما أثر بشكل مباشر على قدرته التنافسية في سوق الانتقالات والاحتفاظ بنجومه البارزين. في محاولة لمعالجة هذه الأزمة، لجأ النادي إلى ما يُعرف بـ "الروافع الاقتصادية"، والتي تضمنت بيع أصول مستقبلية مثل نسبة من حقوق البث التلفزيوني وبعض أسهم استوديوهات برشلونة. هذه الخطوات، بالرغم من أنها كانت ضرورية لإعادة التوازن المالي، خلقت جدلاً واسعاً حول تأثيرها المحتمل على المدى الطويل.
وعلى مدار الموسمين الماضيين، تمكن النادي من تحقيق نتائج مالية إيجابية متتالية، مما يشير إلى بداية تعافٍ حذر وملموس. هذه النتائج كانت مدفوعة جزئياً بتلك الروافع الاقتصادية، بالإضافة إلى جهود حثيثة لترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات من مصادر مختلفة. تعكس الميزانية الجديدة التي تتجاوز المليار يورو، والتي أُعلن عنها في أواخر أكتوبر، التوقعات المتفائلة لإدارة النادي بشأن قدرتها على تحقيق إيرادات كبيرة والحفاظ على مسار التعافي.
تفاصيل الميزانية والإيرادات المتوقعة
تشير التقديرات الحالية إلى أن ميزانية برشلونة للموسم المالي 2024/2025 تبلغ حوالي 1.259 مليار يورو، مع توقع تحقيق أرباح صافية تقدر بعشرات الملايين من اليوروهات. تعتمد هذه الأرقام على مجموعة متنوعة من مصادر الإيرادات، أبرزها:
- إيرادات المباريات: تشمل مبيعات التذاكر، الاشتراكات الموسمية، وإيرادات الضيافة في ملعب مونتجويك المؤقت ومع العودة المتوقعة لملعب كامب نو الجديد جزئياً.
- حقوق البث التلفزيوني: حصة النادي من عقود البث المحلية والأوروبية، مع الأخذ في الاعتبار البيع الجزئي لحقوق البث المستقبلية.
- الرعاية والإعلانات: عقود الشراكة مع الشركات الكبرى، والرعاية على قمصان الفريق، وفي المرافق المختلفة.
- مبيعات المنتجات والتسويق: إيرادات متاجر النادي الرسمية وعقود الترخيص لمنتجات برشلونة.
- المسابقات الأوروبية: المبالغ المالية التي يحصل عليها النادي مقابل المشاركة والتقدم في دوري أبطال أوروبا.
- بيع اللاعبين: يمثل جزءاً مهماً من الإيرادات المتوقعة، ويعتمد على قدرة النادي على بيع بعض اللاعبين بقيم سوقية مرتفعة لتمويل صفقات جديدة وتخفيف فاتورة الرواتب.
في المقابل، تشمل بنود الإنفاق الرئيسية رواتب اللاعبين والجهاز الفني والإداري، تكاليف التشغيل اليومية للنادي، سداد أقساط الديون المتراكمة، والاستثمار في المشاريع الهيكلية مثل مشروع "إسباي بارسا" (Espai Barça) الذي يهدف إلى تحديث وتوسيع مرافق النادي، وعلى رأسها ملعب الكامب نو، والذي يُعد استثمارًا استراتيجيًا لزيادة الإيرادات المستقبلية.
الاستراتيجية المالية والأهداف المستقبلية
تركز الإدارة الحالية لبرشلونة على ترسيخ نموذج مالي مستدام يقلل الاعتماد على الأصول غير المتكررة ويزيد من الإيرادات الذاتية للنادي. يتمثل الهدف الأسمى في العودة إلى قاعدة 1:1 في انتقالات اللاعبين التي يفرضها الدوري الإسباني، والتي تسمح للنادي بإنفاق كل يورو يكسبه في الصفقات الجديدة، بدلاً من القيود الحالية التي تفرض عليه إنفاق نسبة أقل بكثير. هذا سيمكن النادي من المنافسة بفعالية أكبر في سوق الانتقالات.
يهدف النادي إلى بناء فريق تنافسي قادر على الفوز بالألقاب مع الحفاظ على هيكل رواتب مستقر ومعقول. يتمثل جزء لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية في تطوير المواهب الشابة من أكاديمية "لا ماسيا" (La Masia)، لتقليل الحاجة إلى الإنفاق المرتفع على اللاعبين الجاهزين من الخارج، مع الاستفادة من بيع اللاعبين الذين لا يدخلون ضمن الخطط المستقبلية لتحقيق أرباح رأسمالية يمكن إعادة استثمارها.
الأثر على الطموحات الرياضية
إن تحقيق ميزانية تتجاوز المليار يورو يعزز من قدرة برشلونة على المنافسة في سوق الانتقالات العالمية، وإن كان لا يزال يواجه قيوداً مالية معينة تتطلب إدارة حذرة. يتيح هذا الوضع المالي للنادي مرونة أكبر في الحفاظ على لاعبيه الأساسيين وجذب المواهب التي يمكن أن تحدث الفارق على أرض الملعب. النجاح الرياضي بدوره يغذي الدورة المالية للنادي؛ فالفوز بالألقاب والمشاركة المستمرة في دوري أبطال أوروبا يضمن تدفقاً كبيراً للإيرادات من حقوق البث والجوائز والمبيعات.
مع قرب اكتمال مشروع "إسباي بارسا" وتجديد ملعب الكامب نو، يتوقع النادي زيادة هائلة في إيرادات المباريات والضيافة، مما سيشكل رافعة مالية ضخمة لتعزيز موقفه الاقتصادي بشكل دائم. الميزانية الحالية هي خطوة مهمة نحو تحقيق هذا الطموح، لكن التحدي الأكبر يكمن في الحفاظ على هذا الزخم المالي وتحويله إلى نجاح رياضي مستدام في بيئة تنافسية للغاية.





