برودكوم تطلق شرائح Wi-Fi 8 لفتح آفاق جديدة في عصر شبكات الذكاء الاصطناعي
كشفت شركة برودكوم، الرائدة عالميًا في حلول أشباه الموصلات، عن مجموعتها من شرائح Wi-Fi المتقدمة، والتي تُشكل بحسب خبراء الصناعة، حجر الزاوية في بناء البنية التحتية لشبكات الجيل القادم، والتي سيتم تصميمها خصيصًا لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتطورة. جاء هذا الإطلاق، الذي جرى الإعلان عن تفاصيله الأساسية في أواخر عام 2022 ومطلع عام 2023، ليؤكد التزام الشركة بتعزيز قدرات الاتصال اللاسلكي لمواجهة المتطلبات المتزايدة لعصر يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي.

خلفية تقنية وأهمية Wi-Fi 7 (802.11be)
يمثل هذا التطور خطوة حاسمة نحو ما يُشار إليه غالبًا بـ “عصر Wi-Fi 8”، مع أن المعيار الحالي الأكثر تقدمًا هو Wi-Fi 7 (المعروف تقنيًا بـ 802.11be). تتميز شرائح Wi-Fi 7 بقدرات فائقة تتجاوز بكثير الأجيال السابقة، مثل Wi-Fi 6E، مما يجعلها مثالية لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب عرض نطاق ترددي هائل، وزمن انتقال منخفض للغاية، وموثوقية عالية. هذه الميزات ضرورية لتمكين الحوسبة الطرفية (Edge AI) وأنظمة الواقع الافتراضي والمعزز (AR/VR) وتطبيقات إنترنت الأشياء الصناعي (IIoT) المعقدة.
- عملية الربط المتعدد (MLO): تسمح هذه التقنية الثورية للأجهزة باستخدام نطاقات تردد متعددة (2.4 جيجاهرتز، 5 جيجاهرتز، 6 جيجاهرتز) في وقت واحد، مما يعزز السرعة ويقلل زمن الانتقال بشكل كبير، ويوفر مسارًا احتياطيًا لضمان استمرارية الاتصال. هذه الميزة حيوية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي لا يمكنها تحمل أي انقطاع أو تأخير.
- قنوات 320 ميجاهرتز: توفر هذه القنوات عرض نطاق ترددي مضاعف مقارنة بمعيار Wi-Fi 6E، مما يسمح بنقل كميات هائلة من البيانات بكفاءة أكبر، وهو أمر ضروري لنماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة وتحليل البيانات في الوقت الفعلي.
- تعديل 4096-QAM: يزيد هذا التعديل من كثافة البيانات التي يمكن إرسالها في كل إشارة، مما يرفع من كفاءة الشبكة الإجمالية ويسهم في تحقيق سرعات أعلى بكثير.
تفاصيل إطلاق برودكوم ومنتجاتها
تضمنت مجموعة شرائح برودكوم الجديدة معالجات متعددة تُركز على تعزيز أداء شبكات الجيل الجديد. من بين هذه المنتجات، برزت رقائق مثل BCM67263، وهي رقاقة نقطة وصول (Access Point) مصممة لدعم قنوات 320 ميجاهرتز وتعديل 4096-QAM وعملية الربط المتعدد (MLO)، مما يجعلها مثالية للاستخدام في أجهزة التوجيه (الراوترات) والبوابات الذكية ونقاط الوصول المؤسسية. كما قدمت الشركة معالج BCM4916، وهو معالج مركزي رباعي النواة يدمج وحدة معالجة الشبكة العصبية (NPU)، المصممة لتسريع مهام الذكاء الاصطناعي ومعالجة الشبكة بكفاءة عالية، مما يخفف العبء عن وحدة المعالجة المركزية الرئيسية.
تستهدف هذه الشرائح مجموعة واسعة من الأسواق، بما في ذلك الأجهزة الاستهلاكية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وكذلك البنية التحتية للشبكات المؤسسية والمنازل الذكية المتقدمة وإنترنت الأشياء الصناعي، حيث تُعد السرعة والموثوقية وزمن الانتقال المنخفض أمورًا حاسمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعقدة على نحو فعال.
لماذا يعتبر هذا الإطلاق حاسمًا لعصر الذكاء الاصطناعي؟
تتجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد نحو الحوسبة الطرفية، حيث يتم معالجة البيانات أقرب ما يمكن إلى مصدرها بدلاً من إرسالها كلها إلى السحابة. تتطلب هذه النماذج شبكات محلية فائقة السرعة والموثوقية لتبادل البيانات بين الأجهزة ومعالجة الاستدلال في الوقت الفعلي. هنا يأتي دور Wi-Fi 7 (باعتباره الممهد لـ Wi-Fi 8)، بقدراته المعززة لتقليل زمن الانتقال وتوفير عرض نطاق ترددي غير مسبوق، ليصبح العمود الفقري لهذه الشبكات الذكية.
فمن تطبيقات الواقع المعزز والافتراضي التي تحتاج إلى استجابة فورية، إلى أنظمة التشغيل الآلي الصناعية التي تتطلب دقة متناهية واتصالاً غير منقطع، توفر شرائح برودكوم الجديدة الأساس التكنولوجي لتمكين هذه التطورات. كما أن القدرة على نقل مجموعات بيانات ضخمة بسرعة عالية تدعم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الموزعة وتحليلها في الوقت الفعلي بكفاءة أكبر.
المشهد التنافسي وتأثير السوق
يُعزز هذا الإطلاق موقع برودكوم كلاعب رئيسي في سوق الاتصالات اللاسلكية. تتنافس الشركة بقوة مع لاعبين آخرين مثل كوالكوم (Qualcomm) وميدياتك (MediaTek)، اللتين قدمتا أيضًا حلول Wi-Fi 7 الخاصة بهما. يُتوقع أن يؤدي هذا التنافس إلى تسريع اعتماد هذه التقنية على نطاق واسع، مما سيؤثر بشكل إيجابي على مصنعي أجهزة التوجيه ومطوري الأجهزة الطرفية والمستخدمين النهائيين الذين سيتلقون أداءً محسّنًا بشكل كبير. كما يُمهد لظهور جيل جديد من المنتجات والخدمات التي تستفيد من قدرات الشبكات المعززة بالذكاء الاصطناعي.
التوقعات المستقبلية
يتوقع المحللون أن تكون هذه الشرائح محركًا رئيسيًا للابتكار في قطاعات متعددة. ففي المنازل الذكية، ستتيح تجارب أكثر سلاسة وتفاعلية مع الأجهزة المتصلة. وفي البيئات الصناعية، ستدعم أنظمة الإنتاج الذكية والروبوتات المتصلة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. أما في الشركات، فستُمكن من بنى تحتية شبكية أكثر ذكاءً وكفاءة، قادرة على التكيف مع متطلبات العمل المتغيرة وتقديم تجارب مستخدم محسنة بشكل كبير. يُشير هذا الإطلاق إلى أننا على أعتاب حقبة جديدة من الاتصال اللاسلكي، حيث لا تقتصر الشبكات على نقل البيانات فحسب، بل تصبح منصة ذكية لدعم أذكى الابتكارات.



