بريطانيا: مهاجم الكنيس أعلن ولاءه لداعش والشرطة تُقر بإطلاق النار بالخطأ على ضحية
كشفت السلطات البريطانية عن تفاصيل مثيرة للقلق تتعلق بالهجوم الذي استهدف كنيساً يهودياً في شمال إنجلترا مطلع الأسبوع الجاري، والذي خلف ضحايا وجروحاً عميقة في المجتمع. وأعلنت الشرطة البريطانية أن منفذ الهجوم، الذي أسفر عن سقوط قتيلين، أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مكالمة هاتفية مع الشرطة قبل تنفيذه للعملية الإرهابية. وفي تطور صادم، أقرت الشرطة أيضاً بأن أحد الضحايا الذين كانوا موجودين في مكان الحادث قد أصيب بطلق ناري عن طريق الخطأ من قبل أحد ضباطها أثناء عملية الاستجابة السريعة للحادث.
تفاصيل الهجوم والخلفية
وقعت الأحداث المأساوية في صباح يوم الثلاثاء، 17 أكتوبر 2023، عندما اقتحم رجل مسلح الكنيس الواقع في ضواحي مانشستر. وبحسب التقارير الأولية التي جمعتها الشرطة، قام المهاجم بفتح النار بشكل عشوائي، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة عدد آخر بجروح متفاوتة الخطورة. اللافت للنظر هو أن المهاجم، الذي لم يتم الكشف عن هويته الكاملة بعد، قام بالاتصال برقم الطوارئ للشرطة قبيل الهجوم، معلناً صراحة ولاءه لتنظيم داعش الإرهابي وموضحاً دوافعه المتطرفة وراء الهجوم على دار العبادة اليهودية.
تأتي هذه الحادثة لتسلط الضوء مجدداً على التهديد المستمر الذي تشكله الأيديولوجيات المتطرفة والجماعات الإرهابية في المملكة المتحدة، حيث سبق أن شهدت البلاد هجمات مماثلة استهدفت مدنيين وأماكن عامة. وتواجه أجهزة الأمن البريطانية تحدياً كبيراً في رصد الأفراد المتأثرين بالفكر المتطرف والعمل على إحباط مخططاتهم قبل أن تتحول إلى أعمال عنف.
الاستجابة الشرطية والخطأ المأساوي
عند وصول فرق الاستجابة السريعة وقوات مكافحة الإرهاب إلى موقع الحادث، سادت حالة من الفوضى والتوتر الشديدين. وفي خضم الاشتباك مع المهاجم وتأمين المكان، وقع الخطأ المؤسف الذي أقرته الشرطة. فقد أفاد بيان صادر عن القيادة العامة للشرطة البريطانية، صدر في وقت لاحق من الأسبوع، بأن أحد الضباط أطلق النار عن طريق الخطأ وأصاب أحد المتواجدين في الكنيس. وأكد البيان أن هذا الضحية لم يكن المهاجم، وأن تحقيقاً داخلياً واسعاً قد فُتح على الفور لتحديد ملابسات الحادث بدقة وتحمل المسؤولية.
- التحقيق الداخلي: تتولى «المفوضية المستقلة لشكاوى الشرطة» (IOPC) مهمة التحقيق في واقعة إطلاق النار، وهي هيئة مستقلة تضمن شفافية وموضوعية النتائج.
 - الدعم للضحايا: أكدت الشرطة تقديم كامل الدعم اللازم لعائلة الضحية المصاب بطلق الشرطة، إضافة إلى دعم جميع المتضررين من الهجوم الإرهابي.
 
يثير هذا الإقرار تساؤلات جدية حول بروتوكولات الاشتباك وإجراءات الاستجابة للطوارئ في مثل هذه الظروف الحرجة، وكيف يمكن تقليل الأخطاء البشرية تحت الضغط الشديد. وقد تعهدت الشرطة بالتعاون الكامل مع التحقيق وبتطبيق أي توصيات تصدر عنه لتحسين أداء قواتها مستقبلاً.
ردود الفعل والتداعيات
أثار الهجوم، وما تلاه من إقرار الشرطة بخطئها، موجة واسعة من ردود الفعل على المستويات المحلية والدولية:
- إدانة حكومية: أدانت الحكومة البريطانية الهجوم بشدة، مؤكدة التزامها بمكافحة الإرهاب وحماية جميع أفراد المجتمع، وخاصة الأقليات الدينية. ودعا رئيس الوزراء إلى الوحدة والتضامن في وجه الكراهية.
 - قلق الجالية اليهودية: عبرت الجالية اليهودية في المملكة المتحدة عن صدمتها وحزنها العميق إزاء الهجوم، مطالبة بتعزيز الإجراءات الأمنية حول دور العبادة والمؤسسات اليهودية. وشدد قادة الجالية على ضرورة التصدي لجميع أشكال معاداة السامية والتطرف.
 - دعوات للمحاسبة: طالبت بعض المنظمات الحقوقية والمدنية بضرورة إجراء تحقيق شامل وشفاف ليس فقط في الهجوم بحد ذاته، بل أيضاً في ظروف إطلاق النار الخاطئ من قبل الشرطة، لضمان المحاسبة وتجنب تكرار مثل هذه الحوادث.
 
الأهمية والسياق العام
يعد هذا الحادث بمثابة تذكير مؤلم بالتهديدات المتطرفة التي تواجه المجتمعات الغربية، ويعكس الجهود المستمرة للجماعات الإرهابية مثل داعش لإثارة الفوضى وزرع الانقسام. كما أنه يضع ضغطاً متزايداً على قوات الأمن للبقاء في يقظة دائمة وتطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة التحديات الأمنية المعقدة.
إن إقرار الشرطة بخطئها في إطلاق النار، على الرغم من كونه مؤلماً، يعكس التزاماً بالشفافية والمساءلة، وهو أمر حيوي للحفاظ على ثقة الجمهور في المؤسسات الأمنية. ومع ذلك، فإن الحادث برمته يثير تساؤلات حول التدريب، والاستجابة التكتيكية، والتوازن الصعب بين الحاجة إلى التحرك السريع والفعال وحماية الأرواح البريئة في المواقف عالية الخطورة. يستمر التحقيق في جميع جوانب القضية، ومن المتوقع أن تقدم التوصيات المستقبلية رؤى حول كيفية منع تكرار مثل هذه المآسي.




