بلدية خان يونس: وصف "كارثة" لم يعد كافياً لتصوير حجم الدمار في غزة
في تصريحات تعكس حجم المأساة التي حلت بقطاع غزة خلال الأشهر الأخيرة، أكدت بلدية خان يونس أن المصطلحات التقليدية مثل "كارثة" لم تعد قادرة على وصف الواقع الميداني. جاء هذا الموقف ليلقي الضوء على التدمير المنهجي وغير المسبوق الذي طال كافة جوانب الحياة والبنية التحتية في المدينة ومناطق واسعة من القطاع، مما خلف واقعاً يتجاوز قدرة الاستيعاب والتعافي على المدى القصير والمتوسط.

أبعاد الدمار الهائل في البنية التحتية
تشير التقييمات الأولية الصادرة عن جهات محلية ودولية إلى أن الهجمات العسكرية أدت إلى تدمير شبه كامل للبنية التحتية الأساسية. لم يقتصر الضرر على المباني السكنية، التي دُمر أو تضرر جزء كبير منها، بل امتد ليشمل الشبكات الحيوية التي تقوم عليها الحياة اليومية. تتحدث السلطات المحلية عن انهيار كامل في منظومات المياه والصرف الصحي، مما أدى إلى اختلاط المياه النظيفة بمياه الصرف في كثير من المناطق، وهو ما ينذر بعواقب صحية وخيمة.
وتقدر كمية الركام والأنقاض في مختلف أنحاء القطاع بعشرات الملايين من الأطنان، وهي كمية تحتاج إلى سنوات ومعدات متخصصة لإزالتها قبل البدء بأي عملية إعادة إعمار فعلية. وتزيد هذه المهمة تعقيداً بسبب وجود آلاف الذخائر غير المنفجرة بين الأنقاض، مما يشكل خطراً دائماً على حياة السكان وفرق الإنقاذ. وقد أدى هذا الدمار الواسع إلى تحويل أحياء سكنية بأكملها إلى مناطق غير قابلة للسكن.
- تدمير أكثر من 70% من الوحدات السكنية في مناطق معينة من القطاع.
- انهيار كامل لشبكة الكهرباء، مما أثر على عمل المستشفيات ومحطات ضخ المياه.
- تضرر بالغ في الطرقات والجسور، مما يعيق حركة مركبات الإسعاف وتوزيع المساعدات.
- تراكم النفايات الصلبة والركام بكميات هائلة، مما يخلق بيئة مواتية لانتشار الأوبئة.
الانهيار الإنساني والآثار الصحية
لم تكن الآثار مقتصرة على الحجر، بل امتدت لتشكل أزمة إنسانية عميقة. أدى تدمير المنازل إلى نزوح أكثر من 85% من سكان القطاع، الذين يعيشون الآن في ظروف بالغة الصعوبة في مراكز الإيواء المكتظة أو الخيام. إن انهيار البنية التحتية للمياه والصرف الصحي كان سبباً مباشراً في تفشي الأمراض المعدية، حيث سجلت وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمات دولية آلاف حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي والإسهال الحاد والأمراض الجلدية.
كما تعرض القطاع الصحي لضربة قاصمة، مع خروج معظم المستشفيات والمراكز الصحية في خان يونس ومناطق أخرى عن الخدمة نتيجة الاستهداف المباشر أو نقص الوقود والمستلزمات الطبية. هذا الوضع جعل من الصعب تقديم الرعاية الطبية الأساسية للمرضى والمصابين، مما فاقم من معاناة السكان.
تحديات تفوق قدرة الاستجابة المحلية
أكد مسؤولو بلدية خان يونس أن حجم الدمار يفوق بكثير قدرة أي هيئة محلية على التعامل معه. فالبلديات تفتقر إلى أبسط المقومات اللازمة للاستجابة، مثل الآليات الثقيلة لإزالة الركام، والوقود لتشغيل ما تبقى من مضخات المياه، والموارد المالية لإصلاح الشبكات المدمرة. وبدون تدخل دولي عاجل ومنسق، ستبقى جهود التعافي محدودة وغير فعالة.
لهذا السبب، لم تعد المناشدات تقتصر على طلب المساعدات الإنسانية العاجلة، بل امتدت لتشمل ضرورة وضع خطة دولية شاملة لإعادة الإعمار تتضمن توفير الخبرات الفنية والمعدات اللازمة. إن تصريح البلدية بأن الوضع "يفوق الكارثة" هو بمثابة صرخة للعالم لفهم أن ما حدث في غزة ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو تدمير شامل لمقومات الحياة يتطلب استجابة استثنائية على كافة المستويات.





