بوساطة أمريكية.. تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقاً تاريخياً لوقف إطلاق النار
في تطور دبلوماسي بارز، وقعت كل من تايلاند وكمبوديا اتفاقاً شاملاً لوقف إطلاق النار، يهدف إلى إنهاء عقود من التوترات والاشتباكات المتقطعة على حدودهما المشتركة. وقد جرت مراسم التوقيع في العاصمة الأمريكية واشنطن بحضور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي لعبت إدارته دوراً محورياً في الوساطة بين الجانبين للتوصل إلى هذا الاتفاق الذي وُصف بـالتاريخي.

خلفية النزاع الحدودي
يعود التوتر بين المملكتين الجارتين في جنوب شرق آسيا إلى عقود طويلة، وتتركز الخلافات بشكل أساسي حول مناطق حدودية غير مرسمة بوضوح، وعلى رأسها المنطقة المحيطة بمعبد بريه فييهار الهندوسي القديم. وقد أدرجت اليونسكو المعبد كموقع تراث عالمي تابع لكمبوديا في عام 2008، مما أثار حفيظة تايلاند وأدى إلى تصاعد النزاع. شهدت السنوات التالية، خاصة في عام 2011، أعنف الاشتباكات العسكرية بين البلدين منذ عقود، مما أسفر عن سقوط ضحايا من الطرفين ونزوح آلاف المدنيين من المناطق الحدودية.
ورغم الجهود الإقليمية السابقة التي بذلتها رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ومحكمة العدل الدولية لاحتواء الموقف، ظلت المناوشات والتوترات قائمة، مما أعاق التنمية الاقتصادية وأثر سلباً على استقرار المنطقة.
تفاصيل الاتفاق والوساطة الأمريكية
يأتي هذا الاتفاق تتويجاً لشهور من المفاوضات السرية التي استضافتها ورعتها الولايات المتحدة. وينص الاتفاق على عدة بنود رئيسية تهدف إلى بناء الثقة وتأسيس سلام دائم، من أهمها:
- الوقف الفوري والشامل لجميع الأعمال العدائية على طول الشريط الحدودي.
- إنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق عدة كيلومترات في المناطق الأكثر حساسية.
- تسيير دوريات مراقبة مشتركة من قبل قوات البلدين للتحقق من الالتزام ببنود الاتفاق.
- تشكيل لجنة حدودية مشتركة رفيعة المستوى، تعمل على استئناف مفاوضات ترسيم الحدود بناءً على الخرائط والوثائق الدولية المعتمدة.
وأفادت مصادر دبلوماسية أن الوساطة الأمريكية، التي قادها الرئيس ترامب شخصياً في مراحلها الأخيرة، كانت حاسمة في تذليل العقبات التي واجهت المفاوضات. وقد قدمت واشنطن ضمانات للطرفين بالإشراف على تنفيذ الاتفاق وتقديم الدعم الفني واللوجستي لعمليات المراقبة وترسيم الحدود.
الأهمية وردود الفعل
قوبل الاتفاق بترحيب دولي وإقليمي واسع، حيث اعتبرته الأمم المتحدة خطوة هامة نحو تعزيز السلام والاستقرار في جنوب شرق آسيا. وفي بيان مشترك، أعرب رئيسا وزراء تايلاند وكمبوديا عن شكرهما للوساطة الأمريكية، مؤكدين التزام بلديهما الكامل بفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية قائمة على حسن الجوار والتعاون المشترك.
ويرى محللون أن هذا الإنجاز الدبلوماسي قد يمهد الطريق لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، خاصة في مجالات السياحة والاستثمار في المناطق الحدودية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في التطبيق الفعلي لبنود الاتفاق على الأرض، وبناء ثقة حقيقية بين القوات المسلحة والمجتمعات المحلية على جانبي الحدود بعد سنوات من العداء وانعدام الثقة.




