تجدد خروقات وقف إطلاق النار في غزة: تبادل اتهامات بين إسرائيل وحماس
انهار اتفاق وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة بشكل كبير في أعقاب حادث دموي وقع جنوبي القطاع في مدينة رفح، مما أدى إلى استئناف سريع للأعمال القتالية. وتبادلت كل من إسرائيل وحركة حماس اللوم بشأن انهيار الهدنة، وهو ما بدد الآمال في التوصل إلى فترة هدوء مستدامة وعقّد جهود الوساطة الجارية.

التطورات الأخيرة
بدأ التصعيد الأخير عندما تعرضت قوات إسرائيلية لهجوم أثناء عملها بالقرب من الحدود في منطقة رفح. وذكر الجيش الإسرائيلي أن قواته كانت تنفذ عملية لتحديد وتدمير نفق عابر للحدود اعتبره تهديدًا أمنيًا كبيرًا. ورداً على هذا التواجد، شن مقاتلون من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، هجوماً على الوحدة الإسرائيلية.
في أعقاب الهجوم، شن الجيش الإسرائيلي قصفاً عنيفاً على مناطق في رفح ومحيطها. وأشارت تقارير ميدانية إلى غارات جوية وقصف مدفعي مكثف، مما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا وتفاقم الوضع الإنساني المتردي للمدنيين المحاصرين في المنطقة. وأنهى هذا الحادث فعلياً الهدنة الإنسانية التي توسط فيها وسطاء دوليون قبل أيام قليلة.
الخلفية والسياق
يُعد وقف إطلاق النار هذا الأحدث في سلسلة من المحاولات التي قادتها بشكل أساسي مصر وقطر والأمم المتحدة لوقف القتال. كان الهدف من الهدنة السماح بإدخال المساعدات الإنسانية الحيوية إلى القطاع المحاصر، وفتح نافذة للمفاوضات حول اتفاق أكثر استدامة. ومع ذلك، فإن الخلافات الجوهرية بين الجانبين قوضت هذه الجهود باستمرار.
بالنسبة لإسرائيل، يظل الهدف الأساسي هو تحقيق الأمن، مع التركيز على تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس، وخاصة شبكة الأنفاق الواسعة. أما بالنسبة لحماس، فإن المطلب الرئيسي هو الرفع الكامل للحصار المفروض منذ فترة طويلة على غزة. لقد أصبح هذا النمط المتكرر من الهدن التي يعقبها خرق ثم تجدد الصراع دورة متكررة، حيث يؤدي كل انهيار إلى تآكل الثقة ويجعل التوصل إلى حل دائم أكثر صعوبة.
ردود الفعل والمواقف
فور وقوع الحادث، أصدر الطرفان بيانات متضاربة. اتهمت الحكومة الإسرائيلية حماس بارتكاب "انتهاك صارخ" لوقف إطلاق النار، مؤكدة أن عمليتها العسكرية كانت ذات طابع دفاعي وتتماشى مع احتياجاتها الأمنية. وشدد المسؤولون على أن إسرائيل سترد بقوة على أي هجوم يستهدف جنودها أو مواطنيها.
في المقابل، أكدت حماس وفصائل فلسطينية أخرى أن استمرار وجود وعمليات القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة هو الذي شكّل الخرق الأول للاتفاق. وقدمت هجومها على أنه عمل دفاعي ضد توغل إسرائيلي. وتعكس رواية "من بدأ أولاً" حالة انعدام الثقة العميقة التي تهيمن على الصراع.
- أعرب الوسطاء الدوليون، بمن فيهم مسؤولون من مصر والأمم المتحدة، عن قلقهم البالغ إزاء تجدد العنف وحثوا الجانبين على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
- أدانت الولايات المتحدة الهجوم على الجنود الإسرائيليين ودعت إلى استعادة وقف إطلاق النار، مؤكدة دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
- حذرت المنظمات الإنسانية من تفاقم الكارثة التي يواجهها أكثر من مليوني نسمة في غزة، الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والماء والإمدادات الطبية.
التأثير والأهمية
يحمل انهيار وقف إطلاق النار أهمية خاصة لأنه لا يشير فقط إلى العودة إلى صراع واسع النطاق، بل يضر أيضاً بشكل كبير بمصداقية عملية الوساطة. فكل هدنة فاشلة تجعل المفاوضات المستقبلية أكثر صعوبة، حيث يصبح كلا الجانبين أقل استعداداً لتقديم تنازلات. ويقع التأثير المباشر والأشد على السكان المدنيين في غزة، الذين يتحملون العبء الأكبر للغارات الجوية الإسرائيلية المتجددة وتشديد الحصار.
يؤكد السيناريو المتكرر لخرق اتفاقات وقف إطلاق النار على غياب مسار سياسي قابل للتطبيق لحل القضايا الجوهرية للصراع. وطالما بقيت المخاوف الأمنية ومطالب السيادة دون معالجة، فمن المرجح أن تستمر دائرة العنف، مما يبقي المنطقة في حالة من عدم الاستقرار الدائم ويؤجل أي أمل في تحقيق سلام دائم.





