تباين أسعار الدولار مقابل الجنيه في البنوك المصرية مع بدء التداولات الصباحية
شهد سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري في مستهل التعاملات اليومية حالة من الاستقرار النسبي الملحوظ في البنوك الحكومية الكبرى، مصحوبًا بتحركات طفيفة ومحدودة في عدد من البنوك الخاصة. يعكس هذا الأداء استمرار حالة التوازن التي يشهدها سوق الصرف في مصر خلال الأسابيع الأخيرة، والتي تأتي كنتيجة مباشرة للقرارات الاقتصادية الهامة التي تم اتخاذها في وقت سابق من هذا العام.

تفاصيل الأسعار في أبرز البنوك
حافظت أسعار الصرف على ثباتها في البنوك التي تمثل الحصة الأكبر من التعاملات في السوق، بينما سجلت بنوك أخرى تغييرات طفيفة قُدرت بقروش قليلة، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، مما يشير إلى مرونة السوق وتفاعله مع آليات العرض والطلب اليومية دون حدوث تقلبات عنيفة.
- البنك الأهلي المصري وبنك مصر: استقر سعر صرف الدولار في أكبر بنكين حكوميين، حيث سجلا أسعارًا متقاربة عند حدود 47.66 جنيهًا للشراء و47.76 جنيهًا للبيع. وتُعتبر هذه الأسعار مؤشرًا رئيسيًا لحالة السوق بشكل عام نظرًا لحجم تعاملاتهما.
- البنك التجاري الدولي (CIB): في أكبر بنوك القطاع الخاص، شهد السعر تحركًا طفيفًا، ليعكس الديناميكية التي تتسم بها تعاملات البنوك الخاصة في الاستجابة الفورية لمتغيرات السيولة.
- بنوك أخرى: أظهرت بيانات التداول في بنوك أخرى مثل مصرف أبوظبي الإسلامي وبنك الإسكندرية تباينًا محدودًا، حيث ارتفع السعر في بعضها بقيمة قرش أو قرشين، بينما استقر أو انخفض بشكل طفيف في بنوك أخرى مقارنة بأسعار إغلاق الأمس، وهو ما يؤكد على أن التحركات تظل ضمن نطاق ضيق ومسيطر عليه.
خلفية استقرار سعر الصرف
تعود حالة الاستقرار الحالية إلى القرار المحوري الذي اتخذه البنك المركزي المصري في 6 مارس 2024، والقاضي بتحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل، وتركه ليتحدد وفقًا لآليات السوق. وقد تزامن هذا القرار مع رفع كبير لأسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس بهدف كبح جماح التضخم وجذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة.
وقد تعزز نجاح هذه السياسة النقدية بفضل التدفقات الدولارية الضخمة التي شهدتها البلاد، وأبرزها صفقة الاستثمار التاريخية مع دولة الإمارات لتطوير مشروع "رأس الحكمة"، والتي ضخت سيولة نقدية فورية تجاوزت 35 مليار دولار. كما ساهم الاتفاق الموسع مع صندوق النقد الدولي في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي ودعم الثقة في الاقتصاد المصري.
التأثير على السوق والقضاء على السوق الموازية
قبل قرارات مارس، كان الاقتصاد المصري يعاني من وجود سوق موازية (سوداء) للدولار، حيث كانت أسعار الصرف فيها تتجاوز بكثير السعر الرسمي. وقد أدت سياسة تحرير الصرف وزيادة المعروض من العملة الأجنبية إلى توحيد سعر الصرف بشكل فعال، مما أدى إلى الاختفاء شبه التام للسوق الموازية.
كان لهذا التوحيد تأثير إيجابي كبير على مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث وفر حالة من الوضوح والقدرة على التنبؤ للمستوردين والشركات، مما ساعد في استقرار أسعار السلع الأساسية. علاوة على ذلك، ساهمت هذه الخطوة في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين، كونها تمثل التزامًا بالسياسات الاقتصادية المنضبطة والآليات السوقية الشفافة.
النظرة المستقبلية للسوق
يتوقع غالبية المحللين الاقتصاديين استمرار حالة الاستقرار النسبي لسعر الصرف على المدى القصير والمتوسط. ويدعم هذه التوقعات الموقف القوي للاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي، والتي تجاوزت حاجز 46 مليار دولار، مما يوفر غطاءً قويًا لمواجهة أي صدمات خارجية محتملة. ورغم أن التقلبات الطفيفة اليومية تظل جزءًا طبيعيًا من نظام سعر الصرف المرن، فإن العودة إلى حالة التقلبات الحادة التي سادت سابقًا أصبحت مستبعدة في ظل استمرار المؤشرات الاقتصادية الإيجابية وزخم الإصلاحات.





