ترامب يتعهد بإلغاء كافة الوثائق التي وقعها بايدن باستخدام "القلم الآلي"
في تصريح لافت خلال تجمع انتخابي، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نيته اتخاذ إجراء جذري في حال عودته إلى البيت الأبيض، متعهدًا بمراجعة وإلغاء جميع الوثائق الرسمية التي وقعها الرئيس الحالي جو بايدن باستخدام "القلم الآلي". وأشار ترامب إلى أن هذا الإجراء سيشمل الأوامر التنفيذية والتشريعات والمراسيم، مما أثار جدلاً فورياً حول التبعات القانونية والدستورية لمثل هذا القرار.
ما هو "القلم الآلي" وما مدى شرعية استخدامه؟
يُعد "القلم الآلي" أو ما يعرف بالـ Autopen جهازًا ميكانيكيًا يُستخدم لإنشاء نسخة طبق الأصل من توقيع شخص ما. وقد لجأ الرؤساء الأمريكيون إلى استخدامه منذ عقود لتسهيل المهام الإدارية، خاصة عند التوقيع على أعداد كبيرة من الوثائق الروتينية أو عند التواجد خارج العاصمة واشنطن. ويُنظر إلى استخدامه كوسيلة لضمان استمرارية العمل الحكومي بكفاءة.
من الناحية القانونية، حظي استخدام القلم الآلي بدعم من وزارة العدل الأمريكية. ففي عام 2005، أصدر مكتب المستشار القانوني بالوزارة (OLC) رأيًا استشاريًا يؤكد أن توقيع الرئيس على التشريعات باستخدام القلم الآلي لا يتعارض مع الدستور، شريطة أن يتم ذلك بناءً على توجيه صريح ومباشر من الرئيس. وقد استند رؤساء من كلا الحزبين، بمن فيهم باراك أوباما وجورج دبليو بوش، إلى هذا الرأي لتوقيع قوانين مهمة.
تداعيات محتملة للتعهد المثير للجدل
يثير تعهد ترامب تساؤلات جدية حول الاستقرار القانوني في البلاد. فإذا تم تنفيذ هذا الوعد، قد يؤدي ذلك إلى حالة من الفوضى التشريعية، حيث ستصبح آلاف الوثائق الحكومية، التي صدرت على مدار أربع سنوات، عُرضة للطعن والإبطال. ويشمل ذلك نطاقًا واسعًا من الإجراءات الحكومية التي تؤثر على الاقتصاد والسياسة الخارجية والتنظيمات الداخلية.
يحذر خبراء قانونيون من أن محاولة إلغاء هذه الوثائق بأثر رجعي ستواجه تحديات قضائية فورية ومعقدة. فالقوانين التي تم تمريرها من قبل الكونغرس ووقعها الرئيس، حتى لو كان ذلك عبر القلم الآلي، تحمل قوة تشريعية كاملة. وأي محاولة لإبطالها من جانب السلطة التنفيذية وحدها قد يُنظر إليها على أنها تجاوز للسلطة وانتهاك لمبدأ الفصل بين السلطات.
ردود أفعال ومواقف متباينة
أثار الإعلان ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والقانونية. فقد وصف معارضون هذه الخطوة بأنها "متهورة" وتقوض الأعراف الدستورية المستقرة، بينما رأى فيها أنصار ترامب خطوة ضرورية "لمحو" إرث إدارة بايدن بشكل كامل. من جهتهم، أعرب محللون عن قلقهم من أن مثل هذه التعهدات تزيد من حالة الاستقطاب السياسي وتضعف الثقة في المؤسسات الحكومية.
يمكن تلخيص نقاط الخلاف الرئيسية في النقاط التالية:
- السوابق التاريخية: يعتمد المدافعون عن شرعية القلم الآلي على تاريخ طويل من الاستخدام الرئاسي والآراء القانونية الداعمة له.
- التحديات اللوجستية: يرى المنتقدون أن عملية تحديد وإلغاء كل وثيقة موقعة بهذه الطريقة ستكون شبه مستحيلة ومعقدة إداريًا.
- الأثر على الاستقرار: يتفق معظم الخبراء على أن الخطوة، في حال تنفيذها، ستخلق حالة من عدم اليقين القانوني قد تضر بالدولة على المدى الطويل.
السياق السياسي للوعد الانتخابي
يأتي هذا التعهد في سياق استراتيجية ترامب الانتخابية التي تركز على فكرة القطيعة الكاملة مع سياسات إدارة بايدن. ومن خلال التشكيك في شرعية إجراءات إدارية روتينية، يسعى ترامب إلى حشد قاعدته الانتخابية وتصوير نفسه على أنه القوة الوحيدة القادرة على "تصحيح" مسار البلاد. ويعكس هذا التصريح نهجًا سياسيًا يعتمد على تحدي الأعراف والنظم القائمة، وهو ما ميّز مسيرته السياسية منذ البداية.





