خلفيات وتداعيات حظر السفر الذي فرضته إدارة ترامب على عدة دول
خلال فترة رئاسته، اتخذ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي فرضت قيودًا صارمة على الهجرة والسفر إلى الولايات المتحدة من مواطني عدة دول، مما أثار جدلاً واسع النطاق ومعارك قانونية معقدة. شكلت هذه السياسة، التي عُرفت إعلاميًا بـ "حظر السفر"، حجر زاوية في أجندة إدارته التي ركزت على تشديد الأمن القومي وسياسات الهجرة.

خلفية القرار وسياقه السياسي
جاءت قرارات حظر السفر تنفيذًا لأحد أبرز وعود حملة ترامب الانتخابية في عام 2016، والتي تمحورت حول تعزيز أمن الحدود ومنع دخول من وصفهم بـ "الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين". استندت الإدارة في تبريرها لهذه الإجراءات إلى مخاوف أمنية، معتبرة أن الدول المدرجة في القائمة لديها أنظمة ضعيفة في التحقق من هويات مواطنيها وتبادل المعلومات الأمنية، مما يشكل خطرًا على الولايات المتحدة.
بعد أيام قليلة من توليه منصبه، وتحديدًا في 27 يناير 2017، وقع ترامب الأمر التنفيذي الأول رقم 13769. هدف الأمر إلى حماية البلاد من دخول الإرهابيين الأجانب، ونص على تعليق دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة لمدة 90 يومًا، بالإضافة إلى تعليق برنامج قبول اللاجئين الأمريكي بالكامل لمدة 120 يومًا.
التطورات والمراحل المختلفة للحظر
واجه الأمر التنفيذي الأول تحديات قانونية فورية أدت إلى تعليق تنفيذه من قبل المحاكم الفيدرالية، مما دفع الإدارة إلى إصدار نسخ معدلة لاحقًا في محاولة لتجاوز العقبات القضائية. مرت سياسة الحظر بعدة مراحل رئيسية:
- النسخة الأولى (يناير 2017): شملت سبع دول هي: إيران، والعراق، وليبيا، والصومال، والسودان، وسوريا، واليمن. أدى تطبيق القرار إلى فوضى عارمة في المطارات الأمريكية والدولية، حيث تم احتجاز مسافرين يحملون تأشيرات صالحة وحتى بعض حاملي البطاقة الخضراء (الجرين كارد).
- النسخة الثانية (مارس 2017): بعد الطعون القضائية، أصدرت الإدارة أمرًا تنفيذيًا جديدًا استثنى العراق من القائمة وأوضح أن الحظر لا يشمل حاملي الإقامة الدائمة. ومع ذلك، واجه هذا الأمر أيضًا تحديات قانونية أوقفت تنفيذه.
- النسخة الثالثة (سبتمبر 2017): تم إصدارها على شكل إعلان رئاسي وكانت أكثر تفصيلاً. أضافت القائمة دولاً غير مسلمة مثل كوريا الشمالية وفنزويلا، وأبقت على معظم الدول السابقة مع تعديلات في طبيعة القيود المفروضة على كل دولة على حدة.
- التوسيع الأخير (فبراير 2020): قامت الإدارة بتوسيع قائمة الدول لتشمل قيودًا على أنواع معينة من تأشيرات الهجرة لمواطني نيجيريا، وإريتريا، وميانمار، وقيرغيزستان، والسودان، وتنزانيا.
التداعيات وردود الفعل
أثارت سياسة حظر السفر ردود فعل واسعة على الصعيدين المحلي والدولي. ففي الداخل، اندلعت احتجاجات حاشدة في المدن والمطارات الأمريكية، ورفعت منظمات حقوقية مثل "الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية" دعاوى قضائية ضد الحكومة. كما عارضت شركات تكنولوجيا كبرى وجامعات مرموقة القرار، مؤكدةً على آثاره السلبية على الاقتصاد والابتكار. وعلى الرغم من الجدل، أيدت المحكمة العليا الأمريكية في يونيو 2018 النسخة الثالثة من الحظر، معتبرة أنها تقع ضمن صلاحيات الرئيس التنفيذية.
على المستوى الدولي، قوبل القرار بانتقادات من حلفاء للولايات المتحدة ومنظمات دولية، اعتبرته تمييزيًا ويتعارض مع القانون الدولي. أما على الصعيد الإنساني، فقد تسبب الحظر في تشتيت العائلات، ومنع الطلاب من الالتحاق بدراستهم، وحرمان المرضى من تلقي العلاج في الولايات المتحدة.
الإلغاء والوضع الحالي
مع تولي الرئيس جو بايدن منصبه، كان إلغاء حظر السفر من بين أولوياته. في يومه الأول في البيت الأبيض، 20 يناير 2021، وقع بايدن على إعلان رئاسي يلغي قرارات إدارة ترامب المتعلقة بحظر السفر، واصفًا إياها بأنها "وصمة عار على ضميرنا الوطني". كما وجه وزارة الخارجية بإعادة فتح مسار طلبات التأشيرة لمواطني الدول المتضررة ووضع خطة لمعالجة الأضرار التي لحقت بالأشخاص الذين رُفضت طلباتهم بناءً على هذه السياسة التي لم تعد قائمة.




