ترامب يشير إلى انطلاق المرحلة الثانية من خطة غزة
أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن بدء ما وصفها بـ«المرحلة الثانية» من اتفاق أو خطة تتعلق بقطاع غزة، وهي تصريحات جاءت في سياق مبادرات إدارته السابقة لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. تأتي هذه الإشارة ضمن جهود واشنطن خلال فترة رئاسته لتقديم رؤية جديدة للسلام في المنطقة، والتي عُرفت إعلاميًا بـ«صفقة القرن»، وهدفت إلى تحقيق تسوية شاملة للنزاع المستمر منذ عقود. تعكس هذه التصريحات محاولة الدفع بخطة السلام الأمريكية إلى الأمام، بعد التركيز الأولي على الجوانب الاقتصادية، لتبدأ في معالجة القضايا السياسية الأكثر تعقيدًا وحساسية.

خلفية خطة السلام الأمريكية
خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، قدمت إدارته خطة سلام شاملة أطلقت عليها اسم «الازدهار من أجل السلام»، ولكنها اشتهرت على نطاق واسع باسم «صفقة القرن». تم تطوير هذه الخطة بقيادة صهره جاريد كوشنر والمبعوث الخاص جيسون غرينبلات، وتم الكشف عن أجزاء منها على مراحل. كان الهدف المعلن هو تجاوز النهج التقليدي للتفاوض، الذي لم يسفر عن حل دائم، وتقديم إطار جديد يهدف إلى تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة. تضمنت الخطة رؤى اقتصادية وسياسية، وسعت إلى إيجاد حلول للقضايا الجوهرية مثل الحدود، وضع القدس، اللاجئين، والأمن.
المرحلة الأولى وتحدياتها
المرحلة الأولى من الخطة ركزت بشكل كبير على الجوانب الاقتصادية، وتم الترويج لها في ورشة عمل اقتصادية عُقدت في المنامة، البحرين، في يونيو 2019. هدفت الورشة إلى حشد استثمارات دولية بمليارات الدولارات لدعم الاقتصاد الفلسطيني والبنية التحتية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بمعزل عن الحلول السياسية. كان الافتراض أن تحسين الظروف المعيشية سيخلق أساسًا أكثر استقرارًا للمضي قدمًا في التسوية السياسية. ومع ذلك، قوبلت هذه المرحلة برفض فلسطيني واسع النطاق، حيث اعتبرت القيادة الفلسطينية أن الخطة لا تلبي الحد الأدنى من تطلعاتهم الوطنية، وتركز على المال على حساب الحقوق السياسية الأساسية، ورفضت المشاركة في الورشة.
تطورات وتصريحات ترامب
إشارة ترامب إلى «بدء المرحلة الثانية» غالبًا ما كانت تشير إلى الانتقال من التركيز الاقتصادي البحت إلى الكشف عن الجوانب السياسية الأكثر تفصيلاً في خطته. كانت هذه التصريحات تهدف إلى تجديد الزخم حول مبادرة السلام، خاصة بعد أن بدا أن المرحلة الاقتصادية لم تحقق الأهداف المرجوة بسبب المقاطعة الفلسطينية. هذه «المرحلة الثانية» كانت من المفترض أن تتناول القضايا الشائكة المتعلقة بالحدود النهائية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المقترحة، وضع القدس، ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية. غالبًا ما كان ترامب يصرح بهذه التطورات في سياق فعاليات سياسية أو مؤتمرات صحفية، أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدًا التزامه بدفع عملية السلام قدمًا بطريقته الخاصة.
محتوى المرحلة الثانية المتوقع
تضمنت التسريبات والمعلومات التي كُشف عنها لاحقًا حول الجوانب السياسية لـ«صفقة القرن» مقترحات اعتبرها الفلسطينيون منحازة بشدة لإسرائيل. من أبرز النقاط المتوقعة في هذه المرحلة:
- الحدود: اقتراح إقامة دولة فلسطينية على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، مع اعتراف إسرائيلي بسيادتها على هذه الأراضي، لكن مع ضم إسرائيل لبعض المستوطنات الكبرى ووادي الأردن.
- القدس: بقاء القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، مع إمكانية إقامة عاصمة فلسطينية في ضواحي القدس الشرقية (مثل أبوديس).
- اللاجئون: رفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم عام 1948، وتقديم تعويضات مالية لهم أو توطينهم في بلدان أخرى.
- الأمن: الحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية الشاملة على الأراضي الفلسطينية.
هذه المقترحات، التي أُعلنت رسميًا في يناير 2020، شكلت جوهر «المرحلة الثانية» التي أشار إليها ترامب، والتي تهدف إلى تحديد المعالم السياسية للصراع.
موقف الأطراف المعنية وردود الفعل
كانت ردود الفعل على تصريحات ترامب والمحتوى المفصل لـ«صفقة القرن» متباينة بشكل حاد:
- الموقف الفلسطيني: رفضت القيادة الفلسطينية الخطة بشكل قاطع، واعتبرتها محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء حل الدولتين القائم على حدود 1967. قاطعت السلطة الفلسطينية الإدارة الأمريكية بعد قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس عام 2017، ورفضت أي دور أمريكي كوسيط وحيد في عملية السلام.
- الموقف الإسرائيلي: رحبت الحكومة الإسرائيلية بالخطة بشكل عام، واعتبرتها أساسًا واقعيًا للتفاوض، مشيدة باعترافها بمصالح إسرائيل الأمنية والسيادية. ومع ذلك، كانت هناك بعض التحفظات من اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي رفض فكرة أي دولة فلسطينية مستقلة.
- ردود الفعل الدولية: كانت ردود الفعل الدولية متباينة. أيدت بعض الدول العربية الخطة بحذر، بينما أعربت دول أوروبية والأمم المتحدة عن قلقها، مؤكدة على ضرورة حل الدولتين بناءً على حدود 1967 كسبيل وحيد لتحقيق سلام دائم وعادل. وقد اعتبر كثيرون أن الخطة لا تأخذ في الاعتبار الحقوق الفلسطينية بشكل كافٍ.
أهمية هذه التطورات وتداعياتها
تكتسب تصريحات ترامب حول بدء المرحلة الثانية أهمية كبيرة لعدة أسباب:
- تغيير النموذج: مثلت الخطة محاولة جذرية لتغيير النموذج التقليدي لعملية السلام، الذي كان يعتمد على مفاوضات ثنائية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية دولية.
- تأثير على حل الدولتين: اعتبر العديد من المحللين أن الخطة تقوض بشكل خطير إمكانية حل الدولتين المستقبلي على أساس 1967، والذي كان الإجماع الدولي يدعمه.
- الاستقطاب الإقليمي: أدت الخطة إلى زيادة الاستقطاب في المنطقة، وعمقت الخلاف بين الإدارة الأمريكية والقيادة الفلسطينية، مما أثر على فرص استئناف المفاوضات.
- التأثير على الديناميكيات الداخلية: كان للخطة تأثير على الديناميكيات السياسية الداخلية في كل من إسرائيل وفلسطين، حيث أصبحت قضية رئيسية في النقاشات الانتخابية والتحالفات السياسية.
على الرغم من إعلان ترامب عن بدء «المرحلة الثانية»، لم تجد الخطة قبولًا واسعًا لدى الفلسطينيين، ولم تتحقق أهدافها المعلنة في تحقيق سلام دائم. لا تزال القضية الفلسطينية-الإسرائيلية عالقة، وتتطلب حلولًا شاملة تأخذ في الاعتبار تطلعات وحقوق جميع الأطراف المعنية، استنادًا إلى القانون الدولي والقرارات الأممية ذات الصلة. تعكس هذه المرحلة من مبادرة ترامب تعقيدات الصراع والتحديات الكبيرة التي تواجه أي جهود للتوصل إلى تسوية نهائية.




