ترامب يكشف أولويات ما بعد قمة شرم الشيخ: إعادة إعمار غزة تسبق حل الدولتين
في أعقاب قمة السلام التي عقدت في شرم الشيخ بهدف مناقشة تداعيات الصراع في قطاع غزة، أوضح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن المحادثات لم تتطرق إلى الإطار السياسي التقليدي المعروف بـ "حل الدولتين". وبدلاً من ذلك، أكد أن الأولوية القصوى للمرحلة الحالية تتمثل في حشد الجهود الدولية من أجل إعادة إعمار القطاع ومعالجة الأزمة الإنسانية، في خطوة تعكس تحولاً في المقاربة الدبلوماسية المعتادة تجاه القضية الفلسطينية-الإسرائيلية.

خلفية القمة وأهدافها
جاءت قمة شرم الشيخ كاستجابة دولية وإقليمية عاجلة للوضع المتدهور في قطاع غزة، حيث سعت إلى جمع الأطراف المعنية وممثلين عن القوى الدولية الكبرى لبحث سبل وقف إطلاق النار وتأمين المساعدات الإنسانية. وركزت أجندة القمة بشكل أساسي على الجوانب العاجلة للأزمة، بما في ذلك فتح ممرات إنسانية آمنة وتنسيق جهود الإغاثة، إلا أن تصريحات ترامب كشفت عن تباين في وجهات النظر حول المسار السياسي طويل الأمد.
مقترب جديد: الاقتصاد أولاً
أشار ترامب بوضوح إلى أن إدارته تفضل التركيز على الحلول العملية والاقتصادية بدلاً من الخوض في نقاشات سياسية معقدة حول قيام دولة فلسطينية. وتنسجم هذه الرؤية مع مبادرته السابقة المعروفة إعلامياً بـ "صفقة القرن"، والتي قامت على فكرة تحقيق السلام من خلال الازدهار الاقتصادي. وبحسب هذا التوجه، فإن تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين عبر مشاريع كبرى لإعادة الإعمار وخلق فرص عمل يعد خطوة تمهيدية ضرورية قبل أي تسوية سياسية نهائية.
تتضمن الأفكار المطروحة في هذا السياق ما يلي:
- تأسيس صندوق دولي لتمويل إعادة بناء البنية التحتية المدمرة في غزة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومحطات الطاقة والمياه.
 - تشجيع الاستثمارات الخاصة في القطاع بهدف تنشيط الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل للشباب.
 - تسهيل حركة البضائع والأفراد من وإلى غزة تحت إشراف أمني لضمان عدم استخدام المساعدات لأغراض عسكرية.
 
تجميد حل الدولتين
يمثل إعلان ترامب عن عدم مناقشة حل الدولتين تحولاً كبيراً عن السياسة الأمريكية التي تبنتها الإدارات السابقة لعقود، والتي اعتبرت هذا الحل أساساً لأي سلام دائم وشامل في المنطقة. ويقوم حل الدولتين على مبدأ إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع دولة إسرائيل. وقد أثار ابتعاد إدارة ترامب عن هذا المبدأ قلق العديد من الحلفاء الأوروبيين والعرب، الذين يرون فيه الصيغة الوحيدة التي تلبي التطلعات الوطنية لكلا الشعبين.
ردود فعل محتملة وتداعيات مستقبلية
من المتوقع أن تثير هذه التصريحات ردود فعل متباينة. فمن المرجح أن ترفض القيادة الفلسطينية هذا المقترب، معتبرةً إياه محاولة لتصفية القضية الوطنية وحصرها في أبعاد إنسانية واقتصادية، وتجاوزاً للحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني. وعلى الجانب الآخر، قد تجد هذه الرؤية قبولاً لدى بعض الأطراف الإسرائيلية التي تعارض قيام دولة فلسطينية. أما على الصعيد الدولي، فمن المرجح أن تستمر معظم الدول في التمسك بحل الدولتين كمرجعية أساسية، مع إبداء استعدادها للمساهمة في جهود إعادة إعمار غزة كضرورة إنسانية ملحة. ويبقى مستقبل العملية السلمية غامضاً في ظل هذا التباين في الأولويات بين التركيز على الحلول الاقتصادية الفورية والتمسك بالمسار السياسي التقليدي.




