ترامب يلوح بفرض رسوم جمركية مشددة على الصين سعيًا لتجارة عادلة
أعاد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إثارة الجدل حول مستقبل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث صرح في مناسبات عدة خلال حملته الانتخابية الأخيرة بأنه يدرس فرض رسوم جمركية جديدة وشديدة على جميع الواردات الصينية. وتتجاوز هذه المقترحات، التي تهدف بحسب قوله إلى تحقيق "تجارة عادلة"، بشكل كبير السياسات التي تبناها خلال فترة رئاسته الأولى، مما ينذر بتصعيد محتمل للحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

مقترحات ورؤية ترامب التجارية
في تصريحات حديثة، أشار ترامب إلى إمكانية فرض رسوم جمركية بنسبة قد تصل إلى 60% أو أكثر على السلع الصينية، وهو ما يمثل زيادة هائلة مقارنة بالرسوم التي فُرضت سابقًا. يبرر ترامب هذا التوجه بأنه أداة ضرورية لإجبار بكين على تغيير ممارساتها التجارية التي يصفها بغير العادلة، مثل سرقة الملكية الفكرية وتقديم دعم حكومي للشركات الصينية، مما يضر بالمنافسة والعمالة الأمريكية.
تستند رؤيته على مبدأ "المعاملة بالمثل"، حيث يعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تفرض رسومًا مماثلة لتلك التي تفرضها الدول الأخرى على المنتجات الأمريكية. ومن أبرز أهداف هذه السياسة المقترحة:
- تقليص العجز التجاري الكبير الذي تعاني منه الولايات المتحدة مع الصين.
- تشجيع الشركات الأمريكية على إعادة استثماراتها وعمليات التصنيع إلى داخل البلاد.
- الضغط على بكين لتقديم تنازلات جوهرية في المفاوضات التجارية المستقبلية.
خلفية الحرب التجارية السابقة
تأتي هذه التصريحات الجديدة في سياق الحرب التجارية التي أطلقها ترامب خلال فترة ولايته الأولى بين عامي 2018 و 2020. في تلك الفترة، فرضت إدارته رسومًا جمركية على سلع صينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات، وردت الصين بإجراءات انتقامية مماثلة، مما أثر على الأسواق العالمية وسلاسل التوريد. ورغم التوصل إلى اتفاق "المرحلة الأولى" التجاري في أوائل عام 2020، والذي هدف إلى تخفيف حدة التوتر، إلا أن العديد من الرسوم الجمركية الأساسية ظلت سارية، وبقيت القضايا الهيكلية في العلاقة التجارية بين البلدين دون حل.
التأثيرات المحتملة وردود الفعل
يحذر العديد من الخبراء الاقتصاديين من أن تطبيق رسوم جمركية بهذا الحجم قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة. أبرز هذه المخاوف هو ارتفاع تكلفة السلع المستوردة على المستهلكين الأمريكيين، مما قد يؤدي إلى تفاقم معدلات التضخم. كما قد تواجه الشركات الأمريكية التي تعتمد على مكونات أو منتجات صينية صعوبات كبيرة، مما قد يضر بقدرتها التنافسية ويعطل سلاسل التوريد العالمية بشكل أوسع.
على الصعيد السياسي، تلقى هذه المقترحات دعمًا من شريحة من الناخبين الذين يرون في السياسات الحمائية وسيلة لحماية الوظائف المحلية، لكنها تثير قلقًا لدى قطاعات الأعمال والتجارة التي استفادت من العولمة. من جانبها، لم تعلق بكين رسميًا على الأرقام المحددة التي طرحها ترامب، لكنها أكدت في مناسبات سابقة أنها ستتخذ "جميع الإجراءات اللازمة" لحماية مصالحها التجارية في حال فرض رسوم جديدة. وبهذا، تضع تصريحات ترامب العلاقات التجارية الأمريكية الصينية في قلب الجدل الانتخابي، وتترك الشركات والأسواق العالمية في حالة من الترقب بشأن المسار المستقبلي لهذه العلاقة الحيوية.




