ترامب يهدد الصين بإجراءات تجارية انتقامية بسبب مشتريات فول الصويا
خلال فترة رئاسته، هدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرارًا وتكرارًا بفرض إجراءات تجارية انتقامية ضد الصين، وكان أحد الأسباب الرئيسية لهذه التهديدات هو عدم التزام بكين بالوعود التي قطعتها بشأن زيادة مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية، وعلى رأسها فول الصويا. تأتي هذه التهديدات ضمن سياق أوسع للحرب التجارية التي أشعلتها إدارة ترامب بهدف إعادة التوازن للعلاقات التجارية بين البلدين.
الخلفية التاريخية للحرب التجارية
بدأت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بالتصاعد بشكل ملحوظ في عام 2018، عندما فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية على واردات صينية بقيمة مليارات الدولارات، متذرعة بممارسات تجارية غير عادلة، مثل سرقة الملكية الفكرية، ونقل التكنولوجيا القسري، والعجز التجاري الهائل. ردت الصين بالمثل بفرض تعريفات على سلع أمريكية، بما في ذلك المنتجات الزراعية مثل فول الصويا. كان هذا التصعيد له تأثير مباشر ومؤلم على المزارعين الأمريكيين، الذين فقدوا أحد أكبر أسواق التصدير لمنتجاتهم.
في محاولة لتخفيف حدة النزاع، وقعت الولايات المتحدة والصين في يناير 2020 ما عُرف بـ “اتفاق المرحلة الأولى”. نص هذا الاتفاق على أن تلتزم الصين بزيادة مشترياتها من السلع والخدمات الأمريكية بقيمة 200 مليار دولار أمريكي على مدى عامين (2020 و2021)، مقارنة بمستويات عام 2017. شكلت المنتجات الزراعية جزءًا حيويًا من هذا التعهد، حيث تعهدت الصين بشراء كميات كبيرة من فول الصويا، لحوم الخنزير، والذرة، وغيرها من المحاصيل، لإرضاء المزارعين الأمريكيين الذين تضرروا بشدة من الحرب التجارية.
مخاوف ترامب وعدم الوفاء بالوعود
على الرغم من توقيع اتفاق المرحلة الأولى، فقد أعرب الرئيس ترامب ومسؤولون آخرون في إدارته عن خيبة أملهم بشكل متكرر بشأن وتيرة المشتريات الصينية. فخلال عام 2020، وعلى الرغم من بعض الزيادات، لم تتمكن الصين من تحقيق الأهداف الطموحة المحددة في الاتفاق، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتفشي جائحة كوفيد-19 التي أثرت على سلاسل الإمداد والطلب. كانت الانتقادات الأمريكية تتركز بشكل خاص على عدم تحقيق بكين لأهداف مشتريات فول الصويا، وهو محصول رئيسي بالنسبة للمزارعين في ولايات زراعية حيوية في الولايات المتحدة.
تضمنت تهديدات ترامب احتمالية إعادة فرض التعريفات الجمركية التي تم تعليقها، أو فرض تعريفات جديدة، أو حتى الانسحاب من اتفاق المرحلة الأولى بالكامل. كانت هذه التهديدات تهدف إلى الضغط على الصين لزيادة مشترياتها والوفاء بالتزاماتها، وحماية مصالح المزارعين الأمريكيين الذين يُعتبرون قاعدة انتخابية مهمة لإدارة ترامب.
أهمية فول الصويا في النزاع التجاري
يحتل فول الصويا مكانة مركزية في النزاع التجاري لعدة أسباب:
- منتج زراعي حيوي: تعد الولايات المتحدة ثاني أكبر منتج ومصدر لفول الصويا في العالم، وتعتمد أجزاء كبيرة من اقتصادها الزراعي على هذا المحصول.
- طلب صيني هائل: تعد الصين أكبر مستورد لفول الصويا في العالم، حيث تستخدمه بشكل أساسي كعلف للماشية، خاصة في صناعة لحوم الخنازير.
- رمز الصراع: أصبحت مشتريات فول الصويا رمزًا لمدى التزام الصين بالاتفاق التجاري، وكانت مؤشرًا رئيسيًا على التقدم أو التعثر في العلاقات التجارية.
التداعيات والآثار
تركت هذه التهديدات وتذبذبات العلاقات التجارية آثارًا عميقة على كل من:
- المزارعين الأمريكيين: عانوا من تقلبات الأسعار وفقدان جزء كبير من سوقهم الصيني، مما دفع الحكومة لتقديم حزم دعم مالية لهم.
- الاقتصاد العالمي: أدت إلى حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية، وأثرت على أسعار السلع الأساسية.
- العلاقات الأمريكية-الصينية: زادت التوترات بين القوتين العظميين، ولم تقتصر على الجانب التجاري فحسب، بل امتدت لتشمل قضايا جيوسياسية وتكنولوجية وحقوق الإنسان.
في الختام، تعكس تهديدات ترامب المتعلقة بمشتريات فول الصويا تعقيد العلاقة الاقتصادية والسياسية بين الولايات المتحدة والصين، وكيف أن القضايا الزراعية يمكن أن تصبح نقاط محورية في الدبلوماسية الدولية والنزاعات التجارية الكبرى.




