تصاعد القصف الإسرائيلي على غزة يخلف أكثر من مئة قتيل خلال يومين ويهدد الهدنة
شهد قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا خطيرًا خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، حيث أدت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة إلى مقتل ما يزيد عن 100 شخص، وفقًا لتقارير الدفاع المدني الفلسطيني. جاء هذا التصعيد في وقت حرج، ليلقي بظلال من الشك حول مصير اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي كان من المفترض أن يوفر فترة هدوء للسكان المحاصرين ويتيح دخول المساعدات الإنسانية.

التطورات الميدانية الأخيرة
بدأت موجة القصف العنيفة ليلة الثلاثاء واستمرت حتى يوم الأربعاء، مستهدفة مناطق متفرقة في شمال قطاع غزة. وأفادت مصادر طبية فلسطينية أن المستشفيات استقبلت أعدادًا كبيرة من الضحايا، بينهم نساء وأطفال، مما فاقم الضغط على المنظومة الصحية المنهارة بالفعل. ووصفت فرق الدفاع المدني عمليات انتشال الجثث والبحث عن ناجين تحت الأنقاض بأنها كانت بالغة الصعوبة بسبب استمرار القصف ودمار البنية التحتية.
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته استهدفت ما وصفه بأنه "مخزن للأسلحة" تابع للفصائل الفلسطينية في شمال القطاع. وفي بيان لاحق، أكد الجيش أنه أعاد العمل بوقف إطلاق النار بعد ساعات من هذه العمليات، وهو ما أثار تساؤلات حول طبيعة الهدنة التي يتم الحديث عنها، حيث جاء الإعلان عن استئنافها بعد واحدة من أكثر الليالي دموية منذ بدء جولة العنف الأخيرة.
خلفية اتفاق الهدنة الهش
تأتي هذه الأحداث في سياق جهود دبلوماسية مكثفة تبذلها أطراف دولية وإقليمية، وعلى رأسها مصر وقطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق هدنة مستدام بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. تهدف هذه المفاوضات بشكل أساسي إلى وقف شامل لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإغاثية والطبية إلى القطاع، بالإضافة إلى إتمام صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين.
غير أن هذه الجهود اصطدمت مرارًا بعقبات ميدانية وسياسية، حيث يتسم الوضع بالهشاشة الشديدة مع استمرار العمليات العسكرية المتقطعة من الجانبين. ويرى محللون أن تكرار الخروقات يجعل من الصعب بناء الثقة اللازمة للوصول إلى حل دائم، ويضع الوسطاء في موقف حرج مع كل جولة تصعيد جديدة.
التداعيات الإنسانية وردود الفعل
أدى التصعيد الأخير إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة. وقد حذرت منظمات إنسانية دولية من أن استمرار القصف يعيق بشكل كامل عمليات توزيع المساعدات ويزيد من معاناة المدنيين الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة من ماء وغذاء ورعاية صحية. وأصبحت الملاجئ والمستشفيات أهدافًا متكررة، مما يجعل أي مكان في القطاع غير آمن.
على الصعيد الدولي، تباينت ردود الفعل. وبينما دعت بعض الدول والأمم المتحدة إلى ضبط النفس والعودة الفورية إلى التهدئة لحماية أرواح المدنيين، جاءت تصريحات أخرى لتعكس الانقسام في المواقف. وفي هذا السياق، برز تصريح للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي رأى أن "الهدنة ليست في خطر"، وهو ما اعتبره البعض منفصلاً عن الواقع الدامي على الأرض ويقلل من خطورة الموقف.
الأهمية والمستقبل المنظور
يمثل هذا العدد الكبير من الضحايا في فترة زمنية قصيرة نقطة تحول قد تعقد مسار المفاوضات بشكل كبير. فمثل هذه الأحداث تزيد من حالة الاحتقان وتغذي الرغبة في الرد، مما يهدد بنسف جهود التهدئة بالكامل والدخول في دوامة عنف أوسع. إن مصير الهدنة الآن يعتمد على قدرة الوسطاء على احتواء الموقف سريعًا ومحاسبة المسؤولين عن هذا التصعيد، وإلا فإن المنطقة قد تكون مقبلة على مرحلة أكثر عنفًا ودموية.





