عبد العاطى لـCNN: نحتاج لإغراق غزة بالمساعدات.. ويعلق على أزمة جثث الرهائن
في تصريحات مهمة أدلى بها الدبلوماسي المصري بدر عبد العاطي لشبكة CNN العالمية أواخر عام 2023، سلط الضوء على أبعاد الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، مؤكداً على الحاجة الملحة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع. كما تطرق في حديثه إلى التعقيدات المحيطة بملف استعادة جثث الرهائن المحتجزين، مشيراً إلى أن هذه المهمة تنطوي على تحديات لوجستية وأمنية هائلة تتطلب وقتاً وجهوداً مضاعفة. تعكس هذه التصريحات الموقف المصري تجاه الأوضاع في غزة، والذي يركز على ضرورة تخفيف المعاناة الإنسانية وفي نفس الوقت معالجة القضايا الشائكة المتعلقة بالصراع الدائر.

الخلفية وتصريحات الدبلوماسي المصري
جاءت تصريحات عبد العاطي في سياق تصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس، وما نتج عنه من حصار مشدد على قطاع غزة وتدهور كارثي في الظروف المعيشية لسكان القطاع. أكد عبد العاطي أن إغراق غزة بالمساعدات أصبح ضرورة قصوى وليست خياراً، وذلك لمواجهة النقص الحاد في الغذاء والماء والدواء والوقود الذي يعاني منه أكثر من مليوني نسمة. هذه الدعوة تعبر عن القلق الدولي المتزايد بشأن انهيار النظام الصحي والبنية التحتية الأساسية في غزة.
وبخصوص أزمة جثث الرهائن، أوضح الدبلوماسي المصري أن عمليات استعادة الجثث، سواء للمدنيين أو العسكريين، تشكل تحدياً كبيراً بسبب الوضع الميداني المعقد، والذي يتسم بالاشتباكات المستمرة والقصف المكثف والدمار الواسع. هذه الظروف تجعل من الصعب للغاية تحديد مواقع الجثث أو الوصول إليها بأمان، فضلاً عن الحاجة إلى تنسيق مكثف بين الأطراف المتصارعة والجهات الوسيطة لتسهيل مثل هذه العمليات الحساسة. كما ألمح إلى أن هذه المسألة تتداخل مع المفاوضات الأوسع بشأن تبادل الأسرى والرهائن، مما يزيد من تعقيدها ويجعلها جزءاً لا يتجزأ من أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار.
الوضع الإنساني في قطاع غزة
يشهد قطاع غزة منذ اندلاع الصراع الأخير تدهوراً غير مسبوق في الوضع الإنساني، فالمساعدات التي تدخل القطاع عبر معبري رفح وكرم أبو سالم لا تزال أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية للسكان. وقد أدت القيود المفروضة على دخول المساعدات، بالإضافة إلى التحديات الأمنية واللوجستية داخل غزة، إلى تفاقم الأزمة. تُقدر الأمم المتحدة أن الغالبية العظمى من سكان غزة يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، حيث بات خطر المجاعة يلوح في الأفق بشكل خطير، خاصة في المناطق الشمالية من القطاع. كما أن:
- النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب تفاقم من انتشار الأمراض.
- انهيار المنظومة الصحية نتيجة استهداف المستشفيات ونقص الإمدادات الطبية والوقود.
- تشريد أكثر من 85% من السكان، الذين يعيشون في ملاجئ مكتظة أو في العراء، في ظروف لا إنسانية.
- صعوبة إيصال الوقود الضروري لتشغيل المولدات والمستشفيات ومحطات معالجة المياه، مما يعيق استمرارية الخدمات الأساسية.
ملف الرهائن والتحديات الأمنية
تعد قضية الرهائن المحتجزين في غزة من أكثر القضايا حساسية وتعقيداً في الصراع الحالي. فبعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، احتُجز عدد كبير من الإسرائيليين كرهائن، منهم مدنيون وعسكريون، أحياء وبعضهم قُتل أو توفي لاحقاً. أدت الظروف القاسية في القطاع، بما في ذلك القصف الجوي والعمليات البرية، إلى تدهور أوضاع بعض الرهائن، كما أعلنت حماس عن مقتل عدد منهم نتيجة للغارات الإسرائيلية، وهو ما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى جهود استعادة جثثهم.
تشمل التحديات الأمنية لاستعادة جثث الرهائن عدة نقاط محورية:
- صعوبة تحديد المواقع: الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية في غزة يجعل من الصعب تحديد أماكن الاحتجاز الدقيقة أو مواقع الجثث.
- المخاطر الأمنية: استمرار العمليات العسكرية يشكل خطراً كبيراً على أي فرق إنقاذ أو استعادة محتملة.
- الحاجة إلى تنسيق: يتطلب الأمر اتفاقاً شاملاً لوقف إطلاق النار وتنسيقاً أمنياً معقداً بين الأطراف المتصارعة لتنفيذ أي عملية بحث أو استعادة.
- الحساسية السياسية: ملف الرهائن بشكل عام، وجثثهم بشكل خاص، له حساسية سياسية بالغة ويؤثر بشكل مباشر على الرأي العام ويزيد من الضغوط على الحكومات المتورطة.
ردود الفعل والجهود الدولية
تصريحات عبد العاطي تأتي في سياق دعوات دولية متزايدة لوقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة. لعبت مصر، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، دوراً محورياً في جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس للتوصل إلى هدنة وتبادل للرهائن والأسرى. ومع ذلك، فإن هذه الجهود غالباً ما تصطدم بعقبات كبيرة بسبب عدم التوافق بين الأطراف وتصاعد الأعمال العدائية.
هناك ضغوط دولية مكثفة على إسرائيل لتخفيف القيود المفروضة على دخول المساعدات إلى غزة، وعلى حماس لتقديم معلومات حول الرهائن وتسهيل إطلاق سراحهم أو استعادة جثثهم. المنظمات الإنسانية الدولية، مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر، تواصل مناشداتها للمجتمع الدولي للتحرك بشكل أسرع وأكثر فعالية لتجنب كارثة إنسانية أوسع نطاقاً. تعكس دعوة مصر لإغراق غزة بالمساعدات وعياً عميقاً بحجم الأزمة، ورغبة في تفعيل دور إقليمي ودولي لمعالجتها.
الأهمية والتداعيات
تكتسب هذه التصريحات أهمية بالغة لعدة أسباب. أولاً، إنها تسلط الضوء على عمق الأزمة الإنسانية في غزة وضرورة الاستجابة السريعة والواسعة. ثانياً، تُبرز التعقيدات الكبيرة التي تواجه جهود استعادة الرهائن والجثث، مما يؤثر على مسار المفاوضات ويجعلها أكثر صعوبة. ثالثاً، تؤكد على الدور المحوري الذي تلعبه مصر كدولة جوار ووسيط رئيسي في هذا الصراع.
إن استمرار الوضع الراهن في غزة، سواء من حيث نقص المساعدات أو عدم حل قضية الرهائن، يحمل تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي والعلاقات الدولية. يمكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التصعيد، وتأجيج مشاعر الغضب والإحباط في المنطقة، وإعاقة أي آفاق مستقبلية للسلام. لذا، فإن الدعوات إلى تكثيف المساعدات ومعالجة ملف الرهائن تمثل محاولات حيوية للتخفيف من حدة الأزمة وفتح الطريق أمام حلول سياسية مستدامة.





