تصعيد إسرائيلي في غزة: قصف متواصل وتسليم جثامين عشرات الفلسطينيين
شهد قطاع غزة خلال الساعات والأيام الأخيرة تصعيداً ملحوظاً في العمليات العسكرية الإسرائيلية، التي تركزت في مناطق متفرقة من شمال القطاع إلى جنوبه، بالتزامن مع قيام السلطات الإسرائيلية بتسليم جثامين عشرات الفلسطينيين الذين استشهدوا خلال فترات سابقة من الحرب. تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الأزمة الإنسانية الخانقة وتوقف شبه كامل لمفاوضات وقف إطلاق النار.

التطورات الميدانية الأخيرة
تركز القصف الإسرائيلي، الجوي والمدفعي، بشكل مكثف على مناطق في وسط وجنوب قطاع غزة. وأفادت مصادر فلسطينية بأن بلدتي عبسان الكبيرة وبني سهيلا، الواقعتين شرقي مدينة خان يونس جنوب القطاع، تعرضتا لغارات جوية وقصف مدفعي عنيف. كما استهدفت العمليات العسكرية المناطق الشرقية لمدينة غزة ومخيمات وسط القطاع مثل البريج والنصيرات، مما أسفر عن سقوط المزيد من الشهداء والجرحى وتدمير عدد من المنازل والبنى التحتية.
تأتي هذه الهجمات ضمن سياق عملية عسكرية واسعة ومستمرة منذ أشهر، تهدف حسب التصريحات الإسرائيلية إلى القضاء على قدرات حركة حماس العسكرية وإعادة الأسرى الإسرائيليين. إلا أن هذه العمليات أدت إلى تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية، مع نزوح معظم سكان القطاع وتدمير أجزاء واسعة منه.
تسليم جثامين الشهداء
في تطور لافت، قامت السلطات الإسرائيلية بتسليم جثامين حوالي 30 فلسطينياً عبر معبر كرم أبو سالم، جنوب شرق قطاع غزة. وقد تم نقل الجثامين بواسطة شاحنات إلى مستشفى أبو يوسف النجار في رفح قبل أن يتم دفنها في مقبرة جماعية في خان يونس. وأشارت المصادر الطبية إلى أن العديد من الجثامين كانت متحللة ويصعب التعرف على هوياتها، مما يعكس الظروف التي احتُجزت فيها.
تعتبر قضية احتجاز جثامين الشهداء من القضايا الشائكة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث تحتجز إسرائيل جثامين مئات الفلسطينيين منذ سنوات. وتمثل عملية التسليم هذه حدثاً نادراً خلال الحرب الحالية، وتثير تساؤلات حول دوافعها وتوقيتها.
الخلفية والسياق العام
تندرج هذه الأحداث ضمن الحرب المستمرة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023. وعلى الرغم من الجهود الدولية والإقليمية التي تبذلها أطراف مثل مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لا تزال المفاوضات متعثرة. يصر كل طرف على شروطه، مما يجعل التوصل إلى حل دائم أمراً بعيد المنال في الوقت الحالي.
أدت الحرب إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة في غزة، حيث تحذر المنظمات الدولية من تفشي المجاعة والأمراض بسبب الحصار ونقص الغذاء والماء والدواء والوقود، فضلاً عن انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية في القطاع.
الأهمية والتداعيات
تكمن أهمية هذه التطورات في أنها تؤكد استمرار الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية القائمة على الضغط العسكري المكثف، بالرغم من الضغوط الدولية المتزايدة. إن استمرار القصف على مناطق مكتظة بالنازحين، مثل محيط خان يونس، يزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية ويرفع عدد الضحايا المدنيين. وفي الوقت نفسه، يعيد ملف تسليم جثامين الشهداء تسليط الضوء على الجانب الإنساني والقانوني للصراع، والمعاناة التي تعيشها آلاف العائلات الفلسطينية التي لا تزال تجهل مصير أبنائها.





