تصعيد إسرائيلي محتمل ضد لبنان بدعم أمريكي مشروط
تتزايد المخاوف الإقليمية والدولية من اندلاع حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله على الحدود اللبنانية، في ظل تصاعد وتيرة القصف المتبادل والتهديدات العسكرية المباشرة. فخلال الأسابيع الأخيرة، صدرت عن مسؤولين إسرائيليين تصريحات تشير إلى أن الخيار العسكري بات وشيكًا لإعادة الأمن إلى شمال إسرائيل، وسط تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة قدمت ضمانات بدعم حليفتها في حال تحول الصراع إلى مواجهة شاملة.

خلفية التوترات المتصاعدة
اندلعت المواجهات الحالية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في 8 أكتوبر 2023، غداة الهجوم الذي قادته حركة حماس على جنوب إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، أعلن حزب الله أن جبهته هي جبهة إسناد لقطاع غزة، بهدف تخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي عن القطاع. وقد اتخذت المواجهات طابعًا يوميًا من القصف المتبادل الذي استهدف في معظمه مواقع عسكرية ومنشآت حدودية، ولكنه أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين وتسبب في نزوح عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود.
شهدت الأشهر الماضية تصعيدًا نوعيًا في العمليات، حيث استخدم الطرفان أسلحة أكثر تطورًا، بما في ذلك الطائرات المسيرة الهجومية والصواريخ الموجهة. وردت إسرائيل بتنفيذ اغتيالات استهدفت قادة ميدانيين بارزين في حزب الله، مما دفع الحزب إلى الرد بعمليات أوسع نطاقًا وأعمق داخل الأراضي الإسرائيلية، الأمر الذي رفع منسوب التوتر إلى مستويات غير مسبوقة منذ حرب عام 2006.
التهديدات الإسرائيلية والموقف الأمريكي
أكدت القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، في مناسبات عدة أن الوضع على الحدود الشمالية لا يمكن أن يستمر. وتتمثل الأهداف المعلنة لأي عملية عسكرية واسعة في إبعاد قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، تطبيقًا للقرار الدولي 1701، وضمان عودة آمنة للمستوطنين الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من المنطقة.
وفيما يتعلق بالدور الأمريكي، تبذل إدارة الرئيس جو بايدن جهودًا دبلوماسية مكثفة لاحتواء الصراع، يقودها المبعوث الخاص آموس هوكستين. ورغم أن واشنطن تحث علنًا على ضبط النفس وتفضل الحل الدبلوماسي، إلا أن تقارير إعلامية نقلت عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم لإسرائيل بأنها ستحصل على الدعم العسكري والاستخباراتي اللازم في حال اندلاع حرب شاملة. ويُنظر إلى هذا الدعم على أنه مشروط بفشل المساعي الدبلوماسية أو تعرض إسرائيل لهجوم كبير من قبل حزب الله، مما يضع المنطقة على حافة صراع أوسع.
تداعيات محتملة ومخاوف إقليمية
يحذر المراقبون من أن أي حرب شاملة جديدة ستكون أكثر تدميرًا بكثير من سابقاتها، نظرًا للتطور الكبير في القدرات العسكرية لدى كل من الجيش الإسرائيلي وحزب الله. فترسانة الحزب الصاروخية أصبحت أكثر دقة وأبعد مدى، بينما تمتلك إسرائيل قدرات جوية وتكنولوجية متفوقة. ومن شأن هذه المواجهة أن تتسبب في كارثة إنسانية في لبنان، الذي يعاني بالفعل من انهيار اقتصادي حاد، بالإضافة إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمناطق الحيوية في إسرائيل.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو احتمال امتداد الصراع ليتحول إلى حرب إقليمية قد تجر أطرافًا أخرى، وعلى رأسها إيران. وقد صدرت تحذيرات من الأمم المتحدة والعديد من الدول الأوروبية والعربية حول العواقب الوخيمة لمثل هذا التصعيد، الذي يهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وفي ظل تمسك كل طرف بمواقفه، حيث يربط حزب الله وقف إطلاق النار بوقف الحرب في غزة، وإصرار إسرائيل على تغيير الواقع الأمني على حدودها، تظل الجهود الدبلوماسية في سباق مع الزمن لمنع الانزلاق نحو حرب مدمرة.





