تصعيد جديد في صراع القطبين: هشام نصر يهاجم خالد مرتجي على خلفية واقعة زيزو
شهدت الأوساط الرياضية المصرية، في الأيام الأخيرة، تصاعدًا ملحوظًا في حدة الخلافات والاتهامات المتبادلة بين كبار المسؤولين في ناديي القمة، الأهلي والزمالك. هذا التصعيد الأخير يأتي على خلفية سلسلة من الأحداث المتشابكة التي بدأت بواقعة خلال مراسم تتويج سابقة وتوجت برسائل حادة وعلنية بين نائب رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك، هشام نصر، وأمين صندوق النادي الأهلي، خالد مرتجي، حيث كان محور هذا الجدل هو لاعب الزمالك البارز، أحمد مصطفى «زيزو». هذه الأحداث لا تمثل مجرد خلاف عابر، بل تعكس عمق التنافس التاريخي والشغف الجماهيري الذي يحيط بكرة القدم المصرية.

جذور الخلاف والواقعة الأخيرة
لطالما كانت العلاقة بين الأهلي والزمالك، قطبي الكرة المصرية، تتسم بالندية الشديدة والتنافس المحتدم الذي يتجاوز حدود الملعب ليشمل الإدارات والجماهير والإعلام. هذا التنافس هو جزء لا يتجزأ من الهوية الكروية المصرية، ويضفي على المباريات والتعاملات بين الناديين طابعًا خاصًا من الإثارة والترقب. في هذا السياق، كان حادثٌ وقع مؤخرًا خلال مراسم تتويج كأس السوبر المصري نقطة انطلاق للتصعيد الأخير.
فخلال تلك المراسم، التقطت الكاميرات النجم أحمد مصطفى «زيزو»، أحد أبرز لاعبي الزمالك وهدافه، وهو يرفض مصافحة هشام نصر، نائب رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك. أثارت هذه اللقطة جدلاً واسعًا وتساؤلات عديدة داخل الوسط الرياضي وبين جماهير القلعة البيضاء على وجه الخصوص. فُسرت الواقعة حينها بأشكال مختلفة، تراوحت بين التكهنات حول وجود خلافات داخلية في إدارة الزمالك أو بين اللاعب والإدارة، وبين من رأى فيها مجرد سوء فهم أو لحظة عابرة. لكن بغض النظر عن تفسيرها، فقد تركت هذه اللقطة بصمة وتساؤلات حول طبيعة العلاقة بين اللاعب ومسؤولي ناديه.
بعد فترة من هذه الواقعة، تجدد الجدل بشكل لافت حين قام خالد مرتجي، أمين صندوق النادي الأهلي، بنشر صورة له تجمعه مع اللاعب زيزو عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي. لم تكن الصورة بحد ذاتها حدثًا استثنائيًا، إلا أن توقيت نشرها وسياق العلاقة المتوترة بين الناديين جعلها محط أنظار. اعتبرها الكثيرون، خاصة من جانب الزمالك ومسؤوليه، بمثابة استفزاز متعمد واستغلال لواقعة سابقة لإثارة البلبلة أو الإيحاء بأن هناك رغبة من جانب اللاعب في الانضمام للغريم التقليدي، أو مجرد محاولة لإظهار عدم الاستقرار داخل أروقة الزمالك.
رد فعل هشام نصر الحاد
لم يمر تصرف خالد مرتجي مرور الكرام لدى إدارة نادي الزمالك. فقد جاء الرد سريعًا وقويًا من هشام نصر، نائب رئيس النادي، الذي وجه رسائل وصفت بـ "النارية" إلى أمين صندوق الأهلي. حملت هذه الرسائل لهجة شديدة اللهجة، وتعكس بوضوح الغضب والامتعاض من جانب نصر.
من أبرز ما ورد في رسائل هشام نصر كانت عبارة «إيه اللي بتعمله ده! العين بالعين»، وهي تعكس مبدأ المعاملة بالمثل والتصدي للتحركات التي يعتبرها استفزازية بنفس الحدة. فسر المحللون هذه العبارة بأنها بمثابة تحذير لـ مرتجي من مغبة الاستمرار في مثل هذه التصرفات، وتأكيد على أن الزمالك لن يقف مكتوف الأيدي أمام ما يراه محاولات للتأثير سلبًا على استقرار فريقه أو استغلال مواقف معينة لإثارة الفتن. وقد اتهم نصر نظيره في الأهلي بشكل ضمني بمحاولة استغلال وضعية زيزو وخلق أجواء غير رياضية، مشددًا على أن النادي الأبيض يمتلك القدرة على الرد بنفس الطريقة.
وقد أكدت تصريحات نصر أن نشر الصورة لم يكن مجرد لقطة عفوية في نظر إدارة الزمالك، بل خطوة مدروسة تهدف إلى إثارة المشاكل والضغط على اللاعب وإدارته. هذه الرسائل العلنية من مسؤول رفيع المستوى مثل هشام نصر تبرز مدى حساسية الموقف وأهمية اللاعب زيزو بالنسبة للقلعة البيضاء، وكذلك عمق الخصومة بين إدارتي الناديين.
أبعاد الصراع وتداعياته المحتملة
يمتد تأثير هذا النوع من الخلافات ليشمل جوانب متعددة تتجاوز مجرد التصريحات الإعلامية بين المسؤولين. ففي المقام الأول، تساهم هذه الأحداث في تأجيج المشاعر بين جماهير الناديين، التي تُعرف بشغفها وولائها المطلق لفرقها. كل تصريح أو حركة من جانب أي مسؤول يتم تحليلها وتفسيرها من قبل الجماهير، مما يزيد من حدة التوتر ويخلق بيئة مشحونة قد تؤثر سلبًا على الروح الرياضية.
على الصعيد الإداري، تثير هذه الواقعة تساؤلات حول حدود التعامل بين إدارات الأندية المنافسة. فبينما يُفترض وجود منافسة شريفة على المستطيل الأخضر، يجب أن تحكم العلاقات بين الإدارات مبادئ الاحترام المتبادل والمهنية. يُنظر إلى استغلال أي خلافات داخلية أو مشاكل محتملة لدى الخصم كأمر يتنافى مع هذه المبادئ، ويزيد من الضغوط على اللاعبين الذين قد يجدون أنفسهم في مرمى النيران الإدارية والجماهيرية.
بالنسبة للاعب زيزو، فإنه يُعد أحد أهم الأوراق الرابحة في الزمالك، ووجود اسمه في قلب هذا الجدل يضع عليه ضغوطًا إضافية. فكل لاعب يفضل التركيز على أدائه داخل الملعب بعيدًا عن الصراعات الإدارية أو الإعلامية. ويمكن لمثل هذه الأحداث أن تؤثر على معنويات اللاعب وتركيزه، خاصة في ظل الموسم الكروي المزدحم الذي يتطلب أقصى درجات الاستقرار الذهني والبدني.
على المدى الطويل، قد تؤدي هذه التصريحات الحادة إلى تعميق فجوة عدم الثقة بين الناديين، مما يجعل أي محاولات لتهدئة الأجواء أو التعاون المستقبلي أكثر صعوبة. كما أن تكرار مثل هذه المواقف يمكن أن يضر بصورة الكرة المصرية بشكل عام، التي تسعى دائمًا لتقديم نفسها كنموذج للرياضة التنافسية النظيفة.
الخاتمة
تُعد واقعة الرسائل المتبادلة بين هشام نصر وخالد مرتجي، والتي كان زيزو محورها، حلقة جديدة في مسلسل الصراع الأزلي بين الأهلي والزمالك. إنها تذكير بأن المنافسة في كرة القدم المصرية لا تقتصر على الأداء الفني والنتائج في الملعب، بل تمتد لتشمل حرب التصريحات والنفوذ خارج الخطوط. وبينما يستمر الجدل حول هذه الأحداث، يبقى الأمل معقودًا على أن تتغلب الروح الرياضية والمهنية على حدة الخلافات، وأن يتم توجيه كل الطاقات نحو تطوير اللعبة وتقديم أفضل صورة للكرة المصرية، مع الحفاظ على الشغف الذي يجعل هذا التنافس فريدًا من نوعه.





