تصعيد عسكري في دارفور: الجيش السوداني يقصف مواقع للدعم السريع
شهد إقليم دارفور خلال الأيام القليلة الماضية تصعيداً عسكرياً ملحوظاً، حيث كثف الجيش السوداني من عملياته الجوية والمدفعية مستهدفاً مواقع وتجمعات تابعة لـقوات الدعم السريع. تتركز هذه العمليات بشكل خاص في محيط مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تعتبر آخر معاقل الجيش الرئيسية في الإقليم المترامي الأطراف، مما ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.
خلفية الصراع
اندلع النزاع الحالي في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي". سرعان ما امتدت رقعة القتال من العاصمة الخرطوم إلى مناطق أخرى، أبرزها إقليم دارفور الذي يمتلك تاريخاً معقداً من الصراعات الأهلية والتوترات القبلية. وقد أدى الصراع الجديد إلى إعادة إحياء الانقسامات القديمة، حيث سيطرت قوات الدعم السريع وحلفاؤها من الميليشيات المحلية على أربع من عواصم ولايات دارفور الخمس، ولم يتبق تحت سيطرة الجيش سوى مدينة الفاشر.
التطورات الميدانية الأخيرة
وفقاً لمصادر ميدانية وتقارير إخبارية، يستخدم الجيش السوداني تفوقه الجوي لشن غارات على خطوط إمداد قوات الدعم السريع وتجمعاتها في المناطق الشرقية والشمالية من الفاشر. تأتي هذه الضربات رداً على الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة منذ أشهر، ومحاولاتها المستمرة لاقتحامها. تعتبر معركة الفاشر حاسمة لكلا الطرفين؛ فالسيطرة عليها ستمنح قوات الدعم السريع هيمنة كاملة على إقليم دارفور، بينما يمثل الدفاع عنها مسألة وجودية للجيش في الإقليم. ويشارك في الدفاع عن المدينة إلى جانب الجيش حركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام، مما يضيف بعداً آخر لتعقيدات المشهد العسكري.
التداعيات الإنسانية والأهمية الاستراتيجية
ينعكس التصعيد العسكري بشكل كارثي على الوضع الإنساني الهش أصلاً في الفاشر، التي أصبحت ملاذاً لمئات الآلاف من النازحين الفارين من مناطق أخرى في دارفور. وقد حذرت منظمات دولية وأممية مراراً من أن اندلاع معركة شاملة في المدينة قد يؤدي إلى مجزرة ويزيد من تفاقم أزمة الغذاء والرعاية الصحية. يعاني السكان المحاصرون من نقص حاد في المواد الأساسية، كما توقفت معظم المرافق الصحية عن العمل بسبب القصف ونقص الإمدادات.
تكمن الأهمية الاستراتيجية لمعركة دارفور في عدة نقاط رئيسية:
- السيطرة الإقليمية: الاستيلاء على الفاشر يعني سيطرة الدعم السريع الكاملة على منطقة بحجم فرنسا، مما يعزز موقفها التفاوضي بشكل كبير.
- الموارد والحدود: يمنح التحكم في دارفور السيطرة على موارد طبيعية مهمة وممرات حدودية استراتيجية مع ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى.
- رمزية المعركة: تشكل الفاشر مركزاً تاريخياً وإدارياً مهماً، وسقوطها سيمثل ضربة معنوية قوية للجيش السوداني.
في ظل استمرار القصف المتبادل والتحشيد العسكري من الطرفين، يبقى مصير ملايين المدنيين في دارفور على المحك، وسط دعوات دولية عاجلة لوقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لتجنب كارثة وشيكة.




