تجدد المواجهات العنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في الأبيض
شهدت مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، خلال الساعات الماضية، تجدداً للاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. تركزت المواجهات في الأطراف الشرقية والجنوبية للمدينة، حيث حاول الدعم السريع شن هجمات منسقة على مواقع تابعة للجيش، الذي أعلن عن تصديه لهذه الهجمات وتكبيد القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
تفاصيل التطورات الميدانية
أفادت مصادر ميدانية بأن قوات الدعم السريع بدأت هجومها باستخدام أسلحة ثقيلة وقذائف مدفعية، مستهدفة بشكل خاص محيط قيادة الفرقة الخامسة مشاة "الهجانة"، التي تعتبر من أهم القواعد العسكرية للجيش السوداني في المنطقة. رد الجيش على الهجوم بقصف مدفعي مكثف واستخدام الطيران الحربي الذي استهدف تجمعات وآليات عسكرية تابعة للدعم السريع في ضواحي المدينة. وأكد شهود عيان سماع دوي انفجارات قوية وتبادل لإطلاق النار استمر لساعات، مما أثار حالة من الهلع بين السكان المدنيين.
أصدر الجيش السوداني بياناً أكد فيه نجاح قواته في صد الهجوم بالكامل، مشيراً إلى تدمير عدد من المركبات القتالية والاستيلاء على أسلحة وذخائر. في المقابل، لم تصدر قوات الدعم السريع بياناً رسمياً فورياً حول تفاصيل العملية، إلا أن منصات إعلامية مقربة منها تحدثت عن استهداف مواقع عسكرية محددة للجيش وتحقيق بعض الأهداف قبل ما وصفته بالانسحاب التكتيكي.
الأهمية الاستراتيجية لمدينة الأبيض
تكتسب مدينة الأبيض أهمية استراتيجية بالغة لكلا طرفي الصراع، وهو ما يفسر تكرار محاولات الدعم السريع للسيطرة عليها. فالمدينة ليست فقط مركزاً إدارياً واقتصادياً لولاية شمال كردفان، بل تمثل أيضاً نقطة ارتكاز عسكرية ولوجستية حيوية. وتتمثل أهميتها في عدة نقاط رئيسية:
- موقع عسكري حصين: تحتضن المدينة قيادة الفرقة الخامسة مشاة، وهي قوة رئيسية للجيش، بالإضافة إلى مطار الأبيض الذي له استخدامات عسكرية ومدنية مزدوجة.
- عقدة مواصلات: تعد المدينة حلقة وصل رئيسية تربط مناطق غرب السودان، خاصة إقليم دارفور الذي يسيطر الدعم السريع على أجزاء واسعة منه، بالعاصمة الخرطوم وبقية أجزاء البلاد.
- بوابة لوسط السودان: السيطرة على الأبيض تفتح الطريق أمام الدعم السريع للتوغل أكثر في ولايات وسط السودان وتهديد خطوط إمداد الجيش الرئيسية.
خلفية الصراع المستمر
تأتي هذه المواجهات في سياق الحرب المندلعة في السودان منذ أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي". وقد فشلت كل الجهود الدبلوماسية والمبادرات الإقليمية والدولية حتى الآن في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، مما أدى إلى توسع رقعة الصراع ليشمل مناطق جديدة خارج العاصمة الخرطوم.
خلال الأشهر الماضية، سعت قوات الدعم السريع إلى توسيع نفوذها خارج العاصمة والسيطرة على مدن استراتيجية أخرى، بينما يحاول الجيش السوداني الحفاظ على مواقعه الرئيسية وشن هجمات مضادة لاستعادة المناطق التي خسرها، مما يجعل مدناً مثل الأبيض ساحة متكررة للمواجهات العسكرية.
الوضع الإنساني وتأثيره على المدنيين
تسببت الاشتباكات الأخيرة في تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية أصلاً في مدينة الأبيض. أدت أعمال العنف إلى موجات نزوح جديدة من الأحياء التي شهدت قتالاً، حيث لجأ السكان إلى مناطق أكثر أمناً داخل المدينة أو في القرى المجاورة. كما وردت أنباء عن سقوط ضحايا مدنيين جراء القصف العشوائي، بالإضافة إلى الأضرار المادية التي لحقت بالمنازل والممتلكات الخاصة.
وتعاني المدينة من حصار متقطع يفرضه الدعم السريع منذ أشهر، مما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية والأدوية والمستلزمات الطبية، وارتفاع كبير في أسعار السلع المتاحة. وتحذر المنظمات الإنسانية من كارثة وشيكة إذا استمر القتال ومُنع وصول المساعدات الإغاثية إلى المحتاجين.





