أطباء السودان يتهمون الدعم السريع بحرق مئات الجثث في الفاشر
أعلنت شبكة أطباء السودان، وهي منظمة مهنية مستقلة، عن اتهامات خطيرة موجهة لقوات الدعم السريع، تفيد بأنها قامت بجمع مئات الجثث من شوارع وأحياء مدينة الفاشر في دارفور، وقامت بدفن جزء منها في مقابر جماعية، بينما أحرقت البعض الآخر بالكامل. تأتي هذه المزاعم الأخيرة ضمن سلسلة التقارير التي توثق الانتهاكات الجسيمة التي تحدث في سياق الصراع المستمر في السودان، وتلقي الضوء على الأوضاع الإنسانية المتردية في المدينة.

تفاصيل الادعاءات والوضع في الفاشر
وفقاً للبيان الصادر عن شبكة أطباء السودان مؤخراً (في تقارير نشرت يوم الأحد الماضي)، فإن قوات الدعم السريع قامت بعمليات جمع ممنهجة للجثث التي تنتشر في محيط المعارك الدائرة بمدينة الفاشر. وأشارت الشبكة إلى أن هذه الجثث تعود لمدنيين ومقاتلين على حد سواء، وأن عمليات التخلص منها تمت بطرق تتنافى مع كرامة الموتى والمبادئ الإنسانية. يُعتقد أن هذه الممارسات تهدف إلى إخفاء حجم الخسائر البشرية أو التخلص من الأدلة على الفظائع التي قد تكون ارتكبت.
تُعد الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بؤرة صراع محتدم في الآونة الأخيرة، وهي تشكل مركزاً إنسانياً رئيسياً وملجأً لمئات الآلاف من النازحين. تعتبر المدينة أيضاً آخر معقل رئيسي للجيش السوداني في دارفور، مما يجعلها هدفاً استراتيجياً لقوات الدعم السريع التي تسعى للسيطرة الكاملة على الإقليم. وقد شهدت الفاشر تصعيداً عسكرياً كبيراً أدى إلى سقوط أعداد هائلة من الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية، فضلاً عن تعثر وصول المساعدات الإنسانية.
السياق العام للصراع في السودان
تعود جذور الصراع الحالي في السودان إلى أبريل 2023، عندما اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي). هذا الصراع، الذي كان في الأساس صراعاً على السلطة، سرعان ما تحول إلى حرب أهلية واسعة النطاق أدت إلى نزوح أكثر من 10 ملايين شخص داخلياً وخارجياً، وخلفت أزمة إنسانية كارثية. وقد اتسم النزاع بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من قبل جميع الأطراف، بما في ذلك القتل العشوائي للمدنيين والعنف الجنسي والنهب وتدمير الممتلكات.
إقليم دارفور، الذي شهد بالفعل صراعاً مروعاً في أوائل الألفية الجديدة، أصبح مرة أخرى مسرحاً لأعمال عنف مروعة. وتثير التقارير المتكررة عن الفظائع في مدن مثل الجنينة وزالنجي والآن الفاشر مخاوف من تكرار الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي. ويواجه المدنيون في الفاشر حصاراً خانقاً وهجمات مستمرة، مما يجعلهم عرضة للخطر الشديد في ظل نقص الغذاء والمياه والدواء.
دور شبكة أطباء السودان والنداءات الدولية
تعمل شبكة أطباء السودان كصوت حيوي للمهنيين الطبيين في البلاد، وتقدم تقارير دورية ومفصلة عن الوضع الصحي والإنساني، بالإضافة إلى توثيق الانتهاكات التي تطال المستشفيات والطواقم الطبية والمدنيين. وقد دأبت الشبكة على توجيه نداءات متكررة للمجتمع الدولي للتدخل وحماية المدنيين ووقف القتال.
تثير هذه الاتهامات الجديدة بحرق الجثث مخاوف جدية بشأن احتمالية ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي. وتدعو المنظمات الحقوقية والدولية باستمرار إلى إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في هذه المزاعم، ومحاسبة المسؤولين عنها. كما تشدد الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الفاشر والمدن المتضررة الأخرى، وتوفير الحماية للمدنيين العالقين في مناطق النزاع.
يُبرز هذا التطور الأخير الحاجة الملحة إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان وإيجاد حل سياسي شامل لإنهاء هذا الصراع المدمر، الذي يواصل حصد أرواح الأبرياء ويدفع البلاد نحو هاوية أكبر.




