تطور تاريخي: الصادرات المصرية تتفوق على تحويلات المغتربين كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي
في تحول هيكلي لافت للاقتصاد المصري، أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي المصري أن الصادرات السلعية قد أصبحت المصدر الأول للنقد الأجنبي للبلاد خلال العام المالي 2021/2022، متجاوزة بذلك تحويلات المصريين العاملين في الخارج التي ظلت لعقود طويلة تتربع على قمة مصادر العملة الصعبة.

أهمية التحول في هيكل الإيرادات
مثّلت تحويلات المصريين بالخارج على مدى سنوات طويلة الركيزة الأساسية لموارد النقد الأجنبي في مصر، حيث كانت توفر تدفقات مستقرة وموثوقة ساعدت الاقتصاد على مواجهة التحديات والأزمات المختلفة. وكان الاعتماد عليها يفوق في كثير من الأحيان إيرادات حيوية أخرى مثل السياحة وقناة السويس. لذلك، فإن تجاوز الصادرات لهذه التحويلات للمرة الأولى لا يمثل مجرد تغيير في الأرقام، بل يعكس تحولاً أعمق في بنية الاقتصاد المصري نحو نموذج يعتمد بشكل أكبر على الإنتاج والتصدير.
قراءة في الأرقام الرسمية
وفقًا لبيانات ميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي، سجلت حصيلة الصادرات السلعية المصرية قفزة ملحوظة خلال العام المالي المنتهي في يونيو 2022، لتصل إلى ما يقارب 43.9 مليار دولار. في المقابل، بلغت قيمة تحويلات العاملين بالخارج خلال نفس الفترة حوالي 31.9 مليار دولار. هذا الفارق الكبير يؤكد على الديناميكية الجديدة التي يشهدها قطاع التجارة الخارجية في مصر.
ويُعزى هذا النمو القوي في الصادرات إلى عدة قطاعات رئيسية، أبرزها:
- الصادرات البترولية: التي شهدت طفرة كبيرة مدفوعة بالارتفاع العالمي في أسعار الطاقة، خاصة الغاز الطبيعي.
- الصادات غير البترولية: والتي حققت نموًا كبيرًا أيضًا، وشملت منتجات مثل الأسمدة، والملابس الجاهزة، ومواد البناء، والصناعات الكيماوية.
عوامل وراء القفزة في الصادرات
يقف خلف هذا الإنجاز مجموعة من العوامل المتكاملة التي ساهمت في تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية. من أبرز هذه العوامل هو انخفاض قيمة الجنيه المصري، الذي جعل أسعار السلع المصرية أكثر جاذبية للمشترين الأجانب. بالإضافة إلى ذلك، لعبت الجهود الحكومية لدعم المصدرين وتذليل العقبات أمامهم، إلى جانب فتح أسواق جديدة، دورًا محوريًا في تحقيق هذه القفزة. كما ساهم ارتفاع الطلب العالمي على سلع معينة مثل الطاقة والأسمدة في أعقاب التوترات الجيوسياسية العالمية في تعزيز هذا الاتجاه.
دلالات وتأثيرات اقتصادية
يحمل هذا التطور دلالات إيجابية لمستقبل الاقتصاد المصري، حيث يُظهر قدرة متزايدة على توليد النقد الأجنبي من خلال الأنشطة الإنتاجية، وهو ما يعتبر أكثر استدامة على المدى الطويل مقارنة بالاعتماد على التحويلات. كما يساهم تنويع مصادر العملة الصعبة في تعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات الخارجية. ويؤكد هذا التحول على أهمية مواصلة السياسات الداعمة لقطاعي الصناعة والتصدير لضمان استمرارية هذا النمو وتحويله إلى محرك أساسي للتنمية المستدامة في مصر.





