تقارير أمريكية: مسؤولون إسرائيليون حذروا من جرائم حرب محتملة في غزة
كشف تقرير استخباراتي أمريكي حديث، نُشر في أواخر مايو 2024، عن وجود تحذيرات داخلية موثقة صدرت عن مسؤولين ومحامين في الحكومة الإسرائيلية بشأن احتمالية ارتكاب الجيش الإسرائيلي لجرائم حرب خلال عملياته العسكرية في قطاع غزة. هذه المعلومات، التي أوردتها وكالة "رويترز" لأول مرة، تسلط الضوء على نقاشات جرت داخل إسرائيل حول مدى توافق بعض التكتيكات العسكرية مع القانون الدولي الإنساني.

تفاصيل التقرير الاستخباراتي
وفقًا للتقييم الذي أعدته أجهزة المخابرات الأمريكية، فإن التحذيرات لم تكن مجرد آراء عامة، بل مخاوف محددة عبر عنها مستشارون قانونيون حكوميون ومسؤولون آخرون. تركزت هذه المخاوف بشكل خاص على استخدام أسلحة معينة في مناطق مكتظة بالسكان، وعلى الإجراءات المتبعة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين، وهو ما يُعرف بمبدأي "التمييز" و"التناسب" في قوانين الحرب.
ويشير التقرير إلى أن هذه التحذيرات تم تدوينها وتعميمها عبر القنوات الرسمية داخل الحكومة الإسرائيلية، مما يجعلها دليلاً على أن دوائر صنع القرار كانت على دراية بالمخاطر القانونية المرتبطة ببعض العمليات. ويأتي هذا الكشف في وقت تواجه فيه إسرائيل تدقيقًا دوليًا متزايدًا بشأن سلوكها في الحرب التي اندلعت عقب هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023.
السياق والخلفية
تكتسب هذه المعلومات أهمية بالغة نظرًا للضغوط القانونية والدبلوماسية التي تتعرض لها إسرائيل. وتتزامن مع إجراءات قائمة ضدها في محاكم دولية، أبرزها قضية الإبادة الجماعية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية (ICJ)، والطلب الذي قدمه المدعي العام لـالمحكمة الجنائية الدولية (ICC) لإصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين كبار، إلى جانب قادة من حركة حماس.
داخليًا في الولايات المتحدة، يضيف التقرير بعدًا جديدًا للنقاش الدائر حول الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل. ففي وقت سابق، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرًا بموجب "مذكرة الأمن القومي رقم 20" (NSM-20)، والذي خلص إلى أنه من "المعقول تقييم" أن إسرائيل استخدمت أسلحة أمريكية بطرق قد لا تتسق مع القانون الإنساني الدولي، على الرغم من أن التقرير لم يصل إلى نتيجة حاسمة ولم يوصِ بوقف المساعدات.
أهمية التحذيرات الداخلية
تكمن أهمية هذه التحذيرات الداخلية في أنها قد تشير إلى وجود وعي مسبق بالمخاطر القانونية لدى المسؤولين الإسرائيليين. في أي تحقيق مستقبلي يتعلق بجرائم الحرب، يعتبر عنصر "النية" أو "العلم" عاملاً حاسماً، ووجود مثل هذه التحذيرات الموثقة يمكن أن يستخدم كدليل على أن القيادة كانت على علم باحتمالية وقوع انتهاكات، مما يقوض الحجة القائلة بأن أي أضرار لحقت بالمدنيين كانت غير مقصودة.
كما تتعارض هذه المعلومات مع الرواية الإسرائيلية الرسمية التي تؤكد باستمرار على أن جيشها يلتزم بشكل كامل بقوانين الحرب. ويسلط التقرير الضوء على وجود نقاشات جادة داخل المؤسستين العسكرية والسياسية الإسرائيلية حول قانونية وأخلاقية بعض الإجراءات المتخذة في غزة.
- تعكس وجود نقاش داخلي حول قانونية بعض العمليات العسكرية.
- قد تستخدم كدليل في التحقيقات الدولية الجارية.
- تزيد الضغط على إدارة بايدن لإعادة تقييم الدعم العسكري لإسرائيل.
ردود الفعل الرسمية والتداعيات
حتى الآن، التزمت الأطراف المعنية الصمت إلى حد كبير. فقد أحجم كل من مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية والمسؤولين في الحكومة الإسرائيلية عن التعليق رسميًا على ما ورد في تقرير وكالة "رويترز"، وهو أمر شائع في القضايا المتعلقة بالمعلومات الاستخباراتية الحساسة.
على صعيد التداعيات، من المرجح أن يؤدي هذا الكشف إلى تعزيز مواقف الأصوات داخل الكونغرس الأمريكي التي تطالب بفرض شروط أكثر صرامة على المساعدات العسكرية لإسرائيل. كما أنه قد يزيد من تعقيد العلاقات بين إدارة الرئيس جو بايدن وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تواجه بالفعل توترات بشأن إدارة الحرب ومستقبل غزة.
في المحصلة، يضيف هذا التقييم الاستخباراتي طبقة جديدة من التعقيد للمشهد، حيث ينقل النقاش حول سلوك إسرائيل في الحرب من مجرد اتهامات خارجية إلى أدلة على وجود قلق داخلي موثق، مما يفتح الباب أمام المزيد من المساءلة على المستويين المحلي والدولي.





