تقارير: تزايد القلق في واشنطن من احتمال خروج إسرائيل عن نطاق السيطرة
تتزايد المؤشرات خلال الأشهر الأخيرة على شعور بالقلق العميق داخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن مسار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وتصاعد التوترات الإقليمية. وتفيد تقارير متعددة، استنادًا إلى مصادر ومسؤولين أمريكيين، بأن واشنطن تخشى من أن الإجراءات التي تتخذها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد تخرج عن السيطرة، مما يهدد بجر الولايات المتحدة إلى صراع إقليمي أوسع لا ترغب فيه.

خلفية التوترات المتصاعدة
منذ بداية الحرب في غزة عقب هجوم السابع من أكتوبر، قدمت الولايات المتحدة دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا كبيرًا لإسرائيل، مؤكدة على حقها في الدفاع عن النفس. ومع ذلك، مع مرور الوقت وتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين بشكل كبير، بدأ يظهر شرخ واضح في المواقف بين الحليفين. وقد عبر المسؤولون الأمريكيون مرارًا، في جلسات خاصة وبعض التصريحات العلنية، عن إحباطهم من عدم استجابة إسرائيل للمطالب المتعلقة بحماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات الإنسانية الكافية، بالإضافة إلى غياب رؤية واضحة لمستقبل غزة بعد الحرب.
أبرز دوافع القلق الأمريكي
يتركز القلق الأمريكي حول عدة محاور رئيسية تهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها. يمكن تلخيص هذه المخاوف في النقاط التالية:
- توسع الصراع إلى لبنان: تعتبر الجبهة الشمالية مع لبنان مصدر القلق الأكبر لواشنطن. فهناك خشية حقيقية من أن يؤدي التصعيد المتبادل بين إسرائيل وحزب الله إلى اندلاع حرب شاملة، وهو ما تسعى الإدارة الأمريكية لتجنبه بكل السبل لما قد يترتب عليه من عواقب كارثية على استقرار المنطقة ومصالح الولايات المتحدة.
 - المواجهة مع إيران: وصلت التوترات إلى ذروتها بعد الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق في أبريل الماضي، والتي أدت إلى رد إيراني مباشر وغير مسبوق. وقد كشفت هذه الحادثة عن مخاوف أمريكية من أن تتخذ إسرائيل قرارات تصعيدية كبرى دون تنسيق كافٍ مع واشنطن، مما يضع القوات والمصالح الأمريكية في خطر.
 - العملية العسكرية في رفح: شكلت العملية العسكرية في مدينة رفح نقطة خلاف جوهرية. فعلى الرغم من التحذيرات الأمريكية المتكررة من شن هجوم واسع النطاق دون خطة موثوقة لحماية أكثر من مليون نازح، مضت إسرائيل في عملياتها، مما زاد من عمق الخلافات وأثار تساؤلات حول مدى تأثير واشنطن على قرارات حليفتها.
 - غياب استراتيجية ما بعد الحرب: تشعر الإدارة الأمريكية بالإحباط بسبب عدم وجود خطة إسرائيلية واضحة وقابلة للتطبيق لليوم التالي للحرب في غزة، محذرة من أن الفراغ الأمني والإداري قد يؤدي إلى عودة الفوضى وتجدد نشاط حركة حماس أو ظهور جماعات أكثر تطرفًا.
 
المواقف وردود الفعل
تحاول إدارة بايدن الموازنة بين دعمها الراسخ لأمن إسرائيل وبين الضغط عليها لتغيير سلوكها العسكري والسياسي. وقد تجلى ذلك في زيادة حدة التصريحات العلنية، والامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قرار يدعو لوقف إطلاق النار، وتقارير عن تعليق شحنات أسلحة محددة. في المقابل، تصر حكومة نتنياهو على أن قراراتها تستند إلى ضرورات أمنية وطنية، مؤكدة على عزمها تحقيق أهداف الحرب المتمثلة في القضاء على حماس وإعادة المحتجزين، حتى لو تعارض ذلك مع رغبات حلفائها.
الأهمية والتداعيات
تكمن أهمية هذا القلق المتزايد في أنه يكشف عن واحد من أعمق الخلافات في تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. إن استمرار هذا المسار لا يهدد فقط بتقويض التحالف الاستراتيجي بين البلدين، بل يحمل في طياته خطر إشعال حرب إقليمية مدمرة. كما أنه يضع السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط أمام تحديات معقدة، حيث تجد نفسها مضطرة لإدارة تداعيات أفعال حليف رئيسي يبدو أنه يتصرف بشكل مستقل على نحو متزايد.





