تقرير: أقمار صناعية تكشف حفر الدعم السريع مقابر جماعية بالفاشر لإخفاء مجازر
كشفت تقارير حديثة، مدعومة بتحليلات صور الأقمار الصناعية، عن قيام قوات الدعم السريع بحفر ما يُعتقد أنها مقابر جماعية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بالسودان. تأتي هذه المزاعم وسط اتهامات متزايدة للقوات بإخفاء آثار مجازر وعمليات قتل جماعي تعرض لها المدنيون في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد وتيرة العنف والمعارك في المدينة مؤخراً.

وتشير المعلومات، التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة من مايو وأوائل يونيو 2024، إلى أن هذه المقابر تهدف إلى طمس الأدلة على الفظائع المرتكبة، والتي تستهدف في المقام الأول المجتمعات غير العربية، مما يعيد للأذهان فصولاً مظلمة من تاريخ الصراع في دارفور. وتأتي هذه التطورات في وقت تواصل فيه الفاشر، عاصمة شمال دارفور، المعارك الطاحنة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، إلى جانب الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش.
خلفية الصراع في الفاشر
تُعد الفاشر ذات أهمية استراتيجية بالغة، فهي آخر المعاقل الرئيسية للجيش السوداني في دارفور، كما أنها مركز لوجستي وإنساني حيوي يضم أعداداً كبيرة من النازحين. منذ اندلاع النزاع الواسع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، ظلت الفاشر لبعض الوقت بمنأى نسبي عن القتال المباشر بسبب اتفاقات محلية، إلا أن الوضع تغير بشكل دراماتيكي في الأشهر الأخيرة مع تصعيد قوات الدعم السريع هجماتها للسيطرة على المدينة بالكامل.
لطالما كانت دارفور مسرحاً لصراعات ذات أبعاد عرقية، وقد شهدت المنطقة إبادة جماعية في أوائل القرن الحادي والعشرين، مما أسفر عن مئات الآلاف من القتلى وملايين النازحين. وتثير الاشتباكات الحالية مخاوف جدية من تكرار تلك الفظائع، خاصة مع ورود تقارير عن استهداف منهجي لقرى ومدنيين على أسس عرقية. وقد وثقت منظمات حقوق الإنسان مراراً انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في المنطقة، بما في ذلك القتل والاغتصاب والنهب والتدمير الممنهج.
تفاصيل الكشف عبر الأقمار الصناعية
قامت عدة منظمات مراقبة دولية وخبراء بتحليل صور الأقمار الصناعية الملتقطة فوق مناطق مختلفة في الفاشر ومحيطها. أظهرت هذه الصور تغييرات ملحوظة في تضاريس الأرض وحفريات واسعة النطاق في مواقع محددة، وهي أنماط تتفق مع حفر مقابر جماعية. وقد ركزت التحليلات على مناطق شهدت اشتباكات عنيفة أو كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، لا سيما بعد تقارير عن وقوع خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين.
تشير هذه الكشوفات إلى محاولة متعمدة من قبل الجناة لإخفاء حجم وفظاعة الجرائم المرتكبة، مما يعرقل جهود المساءلة وجمع الأدلة. وقد استُخدمت تقنيات تحليل الصور الفضائية في السابق لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في صراعات حول العالم، وتُقدم هذه الصور دليلاً بصرياً يصعب دحضه على الأنشطة المريبة.
المزاعم والشهادات الميدانية
تتزامن كشوفات الأقمار الصناعية مع شهادات متعددة من ناجين وعاملين إنسانيين تفيد بوقوع مجازر مروعة في الفاشر وضواحيها. تتحدث هذه الشهادات عن عمليات قتل عشوائي للمدنيين، ونهب للممتلكات، واستهداف للمستشفيات والبنية التحتية الأساسية. وتُشير التقارير إلى أن أحياء بأكملها قد تعرضت للتدمير، وأن آلاف الأشخاص فروا بحثاً عن الأمان، تاركين وراءهم أعداداً غير معروفة من الضحايا.
يُعتقد أن عمليات دفن الجثث في مقابر جماعية تأتي في سياق محاولة قوات الدعم السريع إخفاء الأدلة على هذه الفظائع، خاصة مع تزايد الدعوات الدولية لإجراء تحقيقات مستقلة في الانتهاكات المرتكبة في السودان.
ردود الفعل الدولية والتداعيات الإنسانية
قوبلت هذه التقارير، إضافة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في الفاشر، بإدانة واسعة من قبل المجتمع الدولي. دعت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مراراً إلى وقف فوري للأعمال العدائية وحماية المدنيين، وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية. كما طالب العديد من الدول الكبرى بتعزيز الرقابة الدولية على الوضع في السودان والتحقيق في جميع مزاعم انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.
- دعوات للتحقيق: طالبت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بتحقيق مستقل وشفاف في التقارير عن المقابر الجماعية والمجازر.
- مخاوف من الإبادة الجماعية: أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم البالغ من أن الفظائع المرتكبة قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، مع وجود خطر حقيقي لتكرار الإبادة الجماعية.
- تدهور الوضع الإنساني: يعاني أكثر من 1.5 مليون شخص في الفاشر من نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية. تُعيق الاشتباكات وصول المساعدات، مما يزيد من معاناة السكان.
إن الكشف عن المقابر الجماعية في الفاشر يُلقي بظلال قاتمة على مستقبل السودان، ويزيد من تعقيد الجهود الرامية لإحلال السلام والاستقرار. تؤكد هذه الأحداث على الضرورة الملحة لتدخل دولي فعال لوقف العنف، وحماية المدنيين، ومحاسبة مرتكبي الجرائم، لضمان عدم إفلاتهم من العقاب وتقديم العدالة للضحايا.




