تصاعد المواجهات في كردفان: الجيش السوداني و"الدعم السريع" يتبادلان إسقاط الطائرات ويعززان قواتهما
تشهد ولايات كردفان، وتحديداً شمال كردفان، تصعيداً عسكرياً ملحوظاً في الأيام الأخيرة، حيث يحتدم الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات "الدعم السريع". وتتركز المواجهات حول المناطق الاستراتيجية، مع قيام الطرفين بحشد قواتهما وتبادل الضربات الجوية، بما في ذلك إسقاط طائرات مسيرة، مما ينذر بجولة جديدة من القتال العنيف في هذا المحور الحيوي من البلاد.

التطورات الميدانية الأخيرة
وفقاً لمصادر ميدانية وتقارير إخبارية حديثة، دفع الجيش السوداني بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى محاور العمليات في كردفان. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب قرارات عليا تهدف إلى استعادة المبادرة في مناطق القتال الرئيسية. تشمل هذه التعزيزات وحدات من قوات العمل الخاص والقوات المشتركة التي تم نشرها لتعزيز المواقع الدفاعية وشن هجمات مضادة ضد تجمعات "الدعم السريع".
على الجانب الآخر، تواصل قوات "الدعم السريع" محاولاتها للسيطرة على مدن ومواقع عسكرية هامة في المنطقة، أبرزها مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، والتي تضم قاعدة جوية استراتيجية. وقد شهدت سماء المنطقة نشاطاً جوياً مكثفاً، حيث أعلن كل طرف عن إسقاط طائرات مسيرة تابعة للطرف الآخر، مما يعكس الأهمية المتزايدة للحرب الجوية في تحديد مسار المعارك على الأرض.
السياق والخلفية الاستراتيجية
تكتسب منطقة كردفان أهمية استراتيجية بالغة لكلا طرفي النزاع. فهي تمثل الجسر الجغرافي الذي يربط العاصمة الخرطوم بإقليم دارفور الشاسع، الذي يُعتبر معقلاً رئيسياً لقوات "الدعم السريع". السيطرة على كردفان تمنح أي طرف ميزة لوجستية هائلة، حيث تسمح له بتأمين خطوط الإمداد والتموين والتحرك بحرية أكبر بين جبهات القتال المختلفة. ومنذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، كانت المنطقة مسرحاً لمعارك كر وفر مستمرة، حيث يسعى الجيش للحفاظ على سيطرته على المدن الكبرى والقواعد العسكرية، بينما تحاول قوات "الدعم السريع" تطويقها وقطع طرق الإمداد عنها.
التصريحات الرسمية والحرب الإعلامية
تتزامن التحركات العسكرية مع حرب إعلامية وتصريحات تهدف إلى رفع الروح المعنوية. وفي هذا السياق، صرح الفريق ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للجيش، بأن قوات "الدعم السريع" (التي أشار إليها بـ"الجنجويد") ستواجه هزيمة في كردفان ودارفور، على غرار ما حدث في مناطق أخرى حسب قوله. وتُعد مثل هذه التصريحات جزءاً من استراتيجية الجيش لتعبئة الرأي العام وحشد الدعم الشعبي والمقاتلين لمساندة عملياته العسكرية. وفي المقابل، تواصل قوات "الدعم السريع" نشر مواد إعلامية تُظهر تقدمها الميداني وسيطرتها على مناطق جديدة، مؤكدةً على قدرتها على حسم المعركة لصالحها.
التداعيات الإنسانية
أدى تصاعد القتال في كردفان إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. ويعاني السكان المدنيون من ظروف قاسية للغاية، تشمل:
- حركات نزوح واسعة هرباً من مناطق الاشتباكات.
- نقص حاد في المواد الغذائية والمياه النظيفة والخدمات الطبية.
- صعوبة وصول المنظمات الإنسانية إلى المتضررين بسبب انعدام الأمن وإغلاق الطرق.
ويعيش مئات الآلاف من المواطنين في حالة من الخوف وعدم اليقين، حيث يجدون أنفسهم عالقين بين نيران طرفي الصراع، مما يضاعف من حجم المأساة الإنسانية التي يشهدها السودان منذ بدء الحرب.




