تنزانيا: فوز الرئيسة سامية سولوهو بولاية ثانية وسط اتهامات بالتزوير واحتجاجات دامية
أعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات في تنزانيا هذا الأسبوع عن فوز الرئيسة الحالية، سامية سولوهو حسن، بولاية رئاسية ثانية، في ختام عملية انتخابية شابها جدل واسع وأعمال عنف غير مسبوقة. ووفقاً للنتائج الرسمية، حصلت الرئيسة المنتمية إلى حزب الثورة الحاكم (CCM) على نسبة كبيرة من الأصوات، إلا أن المعارضة رفضت النتائج بشكل قاطع، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة في المدن الرئيسية، أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى بحسب تقارير منظمات حقوقية.

تفاصيل النتائج والجدل الانتخابي
أظهرت النتائج التي أعلنتها اللجنة الانتخابية أن الرئيسة سولوهو حصلت على ما يقارب 68% من إجمالي الأصوات، بينما حصل مرشح المعارضة الرئيسي على نسبة لم تتجاوز 25%. وسارعت أحزاب المعارضة، بقيادة ائتلافها الأبرز، إلى التنديد بالنتائج واصفة إياها بـ"المهزلة الانتخابية"، وأكدت امتلاكها أدلة على عمليات تزوير ممنهجة. وتضمنت الاتهامات منع وكلاء المعارضة من الوصول إلى مراكز الاقتراع، والتلاعب في أوراق التصويت، وممارسات ترهيب واسعة ضد الناخبين في معاقل المعارضة. من جانبها، دافعت اللجنة الانتخابية عن نزاهة العملية، مؤكدة أن الانتخابات جرت بشفافية ووفقاً للقانون، ودعت جميع الأطراف إلى قبول النتائج واللجوء إلى القنوات القانونية للطعن فيها.
تصاعد الاحتجاجات وأعمال العنف
فور إعلان النتائج الأولية، خرج آلاف المتظاهرين إلى شوارع العاصمة الاقتصادية دار السلام والعاصمة السياسية دودوما، بالإضافة إلى جزيرة زنجبار التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، للتعبير عن رفضهم لما وصفوه بـ"سرقة إرادتهم". وسرعان ما تحولت المظاهرات السلمية في معظمها إلى مواجهات عنيفة مع قوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المحتجين، بحسب شهود عيان. وأفادت مصادر طبية ومنظمات حقوقية محلية أن عدد القتلى تجاوز 300 شخص خلال الأيام القليلة الماضية، وهو رقم تنفيه الحكومة بشدة، حيث تؤكد أن عدد الضحايا محدود وتتهم "عناصر مندسة" بإثارة الشغب. كما قامت السلطات بفرض قيود صارمة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، واعتقلت عدداً من قادة المعارضة والنشطاء البارزين بتهمة التحريض على العنف.
الخلفية السياسية والسياق
تأتي هذه الانتخابات في وقت حاسم لمستقبل تنزانيا الديمقراطي. فقد تولت سامية سولوهو حسن السلطة في مارس 2021 بعد وفاة سلفها جون ماغوفولي، الذي اتسمت فترة حكمه بقمع الحريات السياسية والإعلامية. وقد وعدت الرئيسة سولوهو عند توليها المنصب بتبني نهج أكثر انفتاحاً وإصلاحاً، وقامت بخطوات رمزية مثل رفع الحظر عن بعض الصحف والسماح بتجمعات المعارضة المحدودة. لهذا السبب، كانت هذه الانتخابات تعتبر اختباراً حقيقياً لمدى جدية وعودها بالإصلاح. يرى المراقبون أن العنف والجدل المحيط بالنتائج الحالية يمثلان انتكاسة كبيرة لهذه الآمال، ويعيدان إلى الأذهان سيطرة الحزب الحاكم الطويلة على مقاليد السلطة منذ استقلال البلاد.
ردود الفعل المحلية والدولية
على الصعيد الدولي، أعربت عدة دول غربية والاتحاد الأفريقي عن قلقهم العميق إزاء أعمال العنف والتقارير التي تتحدث عن وقوع مخالفات انتخابية. ودعت بيانات صادرة عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى ضبط النفس، وإجراء تحقيق شفاف ومستقل في جميع أعمال العنف ومزاعم التزوير. كما حثت تلك البيانات السلطات التنزانية على احترام حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي. داخلياً، لا تزال البلاد تعيش حالة من الانقسام الشديد، حيث يحتفل أنصار الحزب الحاكم بالفوز في الشوارع، بينما تواصل المعارضة حشد أنصارها وتتوعد بمواصلة الاحتجاجات حتى يتم إلغاء النتائج وإجراء انتخابات جديدة نزيهة.





