تنسيق مصري سعودي لإنهاء الصراع في السودان
أكدت الدبلوماسية المصرية مجدداً على التنسيق الوثيق والمستمر مع المملكة العربية السعودية بهدف التوصل إلى حل سريع وفعال للأزمة في السودان. وتأتي هذه التصريحات في ظل استمرار الصراع المدمر الذي اندلع في أبريل 2023، والذي خلف أزمة إنسانية واسعة النطاق ويهدد استقرار المنطقة بأكملها. تعكس هذه الجهود المشتركة مخاوف القاهرة والرياض العميقة من تداعيات الحرب، وسعيهما لقيادة المبادرات الإقليمية الرامية إلى وقف إطلاق النار واستئناف المسار السياسي.

خلفية الصراع السوداني
اندلعت الحرب في السودان نتيجة تصاعد الخلافات بين القوتين العسكريتين الرئيسيتين في البلاد: القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). كان من المفترض أن يتم دمج قوات الدعم السريع في الجيش كجزء من عملية انتقال سياسي نحو الحكم المدني، إلا أن الخلافات حول جداول الدمج وهيكل القيادة أدت إلى اندلاع مواجهات عنيفة في العاصمة الخرطوم وسرعان ما امتدت إلى مناطق أخرى، أبرزها إقليم دارفور.
تفاصيل الجهود الدبلوماسية
تتصدر مصر والمملكة العربية السعودية المشهد الدبلوماسي الإقليمي في محاولة لاحتواء الأزمة. وتتركز جهودهما حول عدة محاور رئيسية:
- منبر جدة: تعد المبادرة التي أطلقتها السعودية والولايات المتحدة في مدينة جدة أبرز المسارات التفاوضية حتى الآن. ورغم نجاحها في التوصل إلى عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، إلا أن جميعها تعرضت لانتهاكات متكررة من الطرفين، مما أعاق تحقيق تقدم ملموس على الأرض.
- مبادرة دول الجوار: أطلقت مصر مبادرة خاصة تجمع دول الجوار المباشر للسودان، بهدف تشكيل رؤية موحدة للحل ومنع التدخلات الخارجية التي قد تزيد من تعقيد الصراع. تسعى هذه المبادرة إلى الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة السودانية ومؤسساتها.
- التنسيق الثنائي: شدد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مناسبات عدة على أن التواصل مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، مستمر لتوحيد الرؤى والضغط على الأطراف المتحاربة للعودة إلى طاولة المفاوضات. يرى البلدان أن استقرار السودان يعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي وأمن منطقة البحر الأحمر.
الأبعاد الإنسانية والأمنية للأزمة
تكمن أهمية هذه الجهود الدبلوماسية في حجم الكارثة الإنسانية التي تسبب بها الصراع. فقد أدت الحرب إلى نزوح الملايين داخل السودان ولجوء مئات الآلاف إلى الدول المجاورة، وفي مقدمتها مصر التي استقبلت أعداداً كبيرة من الفارين، مما شكل ضغطاً إضافياً على مواردها. كما تسبب القتال في انهيار شبه كامل للقطاع الصحي وتفاقم أزمة الغذاء، مما وضع ملايين السودانيين على حافة المجاعة بحسب تقارير الأمم المتحدة.
على الصعيد الأمني، يمثل استمرار الصراع تهديداً مباشراً لدول الجوار، حيث يثير مخاوف من امتداد القتال عبر الحدود وتفاقم أنشطة الجماعات المسلحة والاتجار بالبشر والسلاح في منطقة هشة بالفعل. كما أن عدم الاستقرار في دولة بحجم وموقع السودان الاستراتيجي يؤثر بشكل مباشر على أمن الملاحة في البحر الأحمر، وهو ممر تجاري عالمي حيوي.
التحديات والمستقبل
على الرغم من الجهود الحثيثة، تواجه المبادرات الدبلوماسية تحديات كبيرة، أبرزها تمسك طرفي الصراع بالحل العسكري وعدم إبدائهما مرونة كافية في المفاوضات. كما أن تعدد المبادرات الإقليمية والدولية قد يؤدي أحياناً إلى تشتيت الجهود بدلاً من توحيدها. ويؤكد التنسيق المصري السعودي المتجدد على إدراك القوتين الإقليميتين لحجم المخاطر، ورغبتهما في مواصلة الضغط من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تحافظ على وحدة السودان وتنهي معاناة شعبه.





