الإمارات تدعو لتفعيل هدنة إنسانية عاجلة في السودان وتدعم الجهود الرامية لذلك
في وقت سابق من هذا الأسبوع، جددت دولة الإمارات العربية المتحدة تأكيدها على الأهمية القصوى لتفعيل هدنة إنسانية فورية وشاملة في السودان. يأتي هذا الموقف في ظل تصاعد حدة النزاع المسلح الذي تشهده البلاد منذ أكثر من عام، وما خلفه من تداعيات كارثية على المدنيين، ويهدف إلى تسهيل إيصال المساعدات الحيوية وحماية الأرواح. وقد شددت الإمارات على دعمها الكامل للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق هذه الهدنة، معربة عن قلقها البالغ إزاء الوضع الإنساني المتدهور.

السياق والخلفية
يشهد السودان، منذ منتصف أبريل 2023، صراعاً مدمراً بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF). هذا النزاع، الذي اندلع بشكل مفاجئ في العاصمة الخرطوم، سرعان ما اتسع ليشمل مناطق واسعة من البلاد، مخلفاً آلاف القتلى والجرحى وملايين النازحين واللاجئين. لقد تسببت الأعمال القتالية في انهيار شبه كامل للبنية التحتية، وتوقف الخدمات الأساسية، وشل الحركة الاقتصادية، مما دفع بالملايين إلى حافة المجاعة.
لقد شهدت الأشهر الماضية محاولات عديدة لوقف إطلاق النار أو فرض هدن إنسانية، بدعم من أطراف إقليمية ودولية، لكن معظم هذه المحاولات باءت بالفشل أو لم تُنفذ بشكل فعال، مما أدى إلى استمرار دوامة العنف. وتتزايد المخاوف بشكل خاص حول مناطق معينة، مثل مدينة الفاشر في دارفور، حيث تتفاقم الاشتباكات وتتعرض حياة المدنيين لخطر جسيم، مع تضييق الخناق على طرق الإمدادات الأساسية.
موقف الإمارات وجهودها
تؤكد دولة الإمارات على التزامها المستمر بدعم الاستقرار والسلام في المنطقة، ويعكس موقفها الأخير من الأزمة السودانية هذه الرؤية. وقد دعت الإمارات بشكل متكرر جميع الأطراف المتحاربة إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، مشددة على ضرورة فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق. كما أدانت الإمارات جميع الانتهاكات والخروقات التي تستهدف المدنيين في مختلف أنحاء السودان، بما في ذلك المناطق التي تشهد تصعيداً للنزاع.
يشكل الدعم الإماراتي لهذه الهدنة جزءًا من سياستها الخارجية الهادفة إلى تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز الحلول السلمية للنزاعات. وتشمل هذه الجهود دعماً دبلوماسياً على المستويات الإقليمية والدولية، إضافة إلى مساهمات إنسانية كبيرة. وتعمل الإمارات مع الشركاء الدوليين لدفع الأطراف السودانية نحو طاولة المفاوضات والتوصل إلى حل سياسي دائم يضمن أمن واستقرار البلاد وشعبها.
الضرورة الإنسانية الملحة
تُعد الدعوة إلى هدنة إنسانية في السودان ضرورة ملحة وغير قابلة للتأجيل، بالنظر إلى الأرقام الصادمة التي تعكس حجم الكارثة الإنسانية. فملايين الأشخاص في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والرعاية الصحية والمأوى، وقد نزح أكثر من 8 ملايين شخص داخل وخارج البلاد. وتواجه المنظمات الإنسانية تحديات هائلة في الوصول إلى المحتاجين بسبب انعدام الأمن والعوائق اللوجستية.
إن أي هدنة، حتى لو كانت مؤقتة، يمكن أن توفر فرصة حيوية لـ:
- إيصال المساعدات: السماح لقوافل الإغاثة بالوصول إلى المناطق المحاصرة والمتضررة.
- إجلاء المرضى والجرحى: توفير ممر آمن للمدنيين الأكثر ضعفاً، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، لتلقي الرعاية الطبية.
- توفير الراحة المدنية: منح المدنيين فترة لالتقاط الأنفاس، وجمع الإمدادات، والبحث عن مأوى أكثر أماناً.
- بناء الثقة: قد تسهم الهدنة في بناء حد أدنى من الثقة بين الأطراف المتحاربة، مما قد يمهد الطريق لمفاوضات أوسع.
التداعيات الإقليمية والدولية
يعد الصراع في السودان تهديدًا للاستقرار الإقليمي، حيث تتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى الدول المجاورة، مما يزيد الضغط على مواردها. ولذلك، فإن الدعوات لوقف إطلاق النار والهدن الإنسانية تحظى بدعم دولي واسع، وتتماشى مع الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى احتواء الأزمة وتداعياتها.
إن دعم الإمارات لهذه الجهود يعزز موقف المجتمع الدولي ويضع ضغطًا إضافيًا على الأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة المفاوضات. كما أنه يبرز الدور الإيجابي الذي تسعى الإمارات للعبَه في حل النزاعات وتقديم الدعم الإنساني، مع التركيز على أهمية العمل الجماعي لمواجهة التحديات الإنسانية والأمنية المعقدة في المنطقة.
تظل الإمارات على قناعة بأن الحل المستدام لأزمة السودان يكمن في عملية سياسية شاملة تقودها الأطراف السودانية نفسها، بدعم من المجتمع الدولي، وتضع مصلحة الشعب السوداني في المقام الأول. وحتى يتحقق ذلك، يبقى التركيز على التخفيف من المعاناة الإنسانية الملحة من خلال هدنة فورية أمراً بالغ الأهمية.





