أكد المفوض التجاري الإيطالي لدى دولة الإمارات، ومدير مكتب الوكالة الإيطالية للتجارة في دبي، فاليريو سولداني، في تصريح صدر مؤخرًا، أن الصادرات الإيطالية من تكنولوجيا النفط والغاز إلى الإمارات العربية المتحدة شهدت قفزة نوعية بلغت 45% خلال العام الماضي وحده. يعكس هذا النمو اللافت قوة العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين، ويسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه إيطاليا كمورد رئيسي للحلول والخبرات المتقدمة في قطاع الطاقة الإماراتي.

تأتي هذه الزيادة في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية بين إيطاليا والإمارات فترة ازدهار غير مسبوقة، مدفوعة بتعزيز الشراكات الاستراتيجية والتعاون التجاري والاستثماري في قطاعات متعددة. تعتبر تكنولوجيا النفط والغاز أحد أبرز ركائز هذا التعاون، نظرًا لأهمية القطاع الحيوي للاقتصاد الإماراتي وحاجة الدولة المستمرة للابتكار والتحديث في عملياتها الإنتاجية والتصديرية.
قفزة 45% في صادرات تكنولوجيا النفط والغاز الإيطالية إلى الإمارات خلال عام
خلفية العلاقات الاقتصادية الإماراتية الإيطالية
لطالما تميزت العلاقات بين الإمارات وإيطاليا بالمتانة والنمو، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين 8.8 مليار يورو في عام 2023، مما يبرز عمق الروابط الاقتصادية. تعد إيطاليا من الشركاء التجاريين والاستثماريين الرئيسيين لدولة الإمارات في أوروبا، وتتنوع مجالات التعاون لتشمل المنسوجات والأزياء، الآلات الصناعية، المنتجات الغذائية، إضافة إلى قطاع الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة.
تاريخياً، تمتلك إيطاليا خبرة عريقة في مجال الهندسة والصناعات الثقيلة، بما في ذلك تطوير وتصنيع المعدات والتقنيات اللازمة لقطاع النفط والغاز. وقد وجدت هذه الخبرات سوقاً واعداً في دولة الإمارات، التي تعد من كبار منتجي النفط والغاز عالمياً، وتسعى باستمرار لتعزيز كفاءة عملياتها واستكشاف حلول مستدامة تماشياً مع أهدافها المناخية والبيئية.
محركات النمو وأهمية قطاع التكنولوجيا
تعزى القفزة الكبيرة في صادرات تكنولوجيا النفط والغاز إلى عدة عوامل رئيسية. أولاً، استثمارات الإمارات الضخمة في مشاريع توسيع البنية التحتية للطاقة وزيادة القدرة الإنتاجية، خاصة مع سعيها لضمان أمن الطاقة العالمي وتحقيق أهدافها الإنتاجية. هذه المشاريع تتطلب أحدث التقنيات في مجالات الاستكشاف، الحفر، الإنتاج، التكرير، والنقل، وهو ما تتفوق فيه الشركات الإيطالية بتقديم حلول متكاملة ومبتكرة.
ثانياً، تزايد الاهتمام الإماراتي بالحلول التكنولوجية التي تسهم في خفض الانبعاثات وتحسين الاستدامة ضمن قطاع النفط والغاز، مثل تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)، وحلول المراقبة والتحكم الرقمية، وتقنيات تحسين كفاءة الطاقة في العمليات التشغيلية. تقدم الشركات الإيطالية في هذا الصدد ابتكارات تتماشى مع هذه التوجهات العالمية والمحلية نحو طاقة أنظف وأكثر استدامة.
- الاستثمارات الكبرى: المشاريع الضخمة لتوسيع البنية التحتية وإنتاج الطاقة في الإمارات.
- الخبرة الإيطالية: القدرة الإيطالية على توفير تقنيات متطورة في الاستكشاف والإنتاج والتكرير.
- الاستدامة والكفاءة: التركيز المشترك على حلول خفض الانبعاثات وتحسين الكفاءة التشغيلية في القطاع.
- الشراكات الاستراتيجية: تعزيز التعاون بين الشركات الإيطالية الرائدة والكيانات الإماراتية الرئيسية في قطاع الطاقة.
كما لعبت مشاركة الشركات الإيطالية الفاعلة في المعارض والمؤتمرات الكبرى التي تستضيفها الإمارات، مثل أسبوع أبوظبي للاستدامة ومعرض ومؤتمر أديبك العالمي للطاقة، دوراً حاسماً في تعزيز الوعي بقدراتها التكنولوجية وتوسيع شبكة علاقاتها التجارية والإدارية.
التأثيرات المستقبلية والآفاق الجديدة
يمثل هذا النمو في صادرات تكنولوجيا النفط والغاز الإيطالية إلى الإمارات مؤشراً إيجابياً للغاية لكلا البلدين. بالنسبة لإيطاليا، يعزز ذلك مكانتها كمركز للابتكار التكنولوجي ومصدر موثوق للخبرات الصناعية المتقدمة على مستوى العالم، ويسهم بشكل مباشر في دعم نموها الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة في قطاعات عالية القيمة.
أما بالنسبة لدولة الإمارات، فإن وصول هذه التقنيات الحديثة يدعم أهدافها الاستراتيجية في تعزيز كفاءة قطاع الطاقة لديها، وتقليل البصمة الكربونية لعملياتها، وتسريع وتيرة التحول نحو مصادر طاقة أكثر استدامة. كما أن التعاون في هذا المجال يفتح آفاقاً جديدة للشراكة في قطاعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، حيث تمتلك إيطاليا أيضاً خبرات متقدمة يمكن أن تخدم طموحات الإمارات في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفقًا لمبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي.
يتوقع أن تستمر هذه العلاقات في التطور، مع تزايد الفرص الاستثمارية وتبادل المعرفة والخبرات بين الشركات والمؤسسات البحثية في البلدين. يؤكد سولداني مراراً على التزام إيطاليا بدعم مسيرة التنمية المستدامة في الإمارات والمساهمة في تحقيق رؤيتها الاقتصادية الطموحة.
تتجلى هذه الشراكة ليس فقط في الأرقام التجارية الواعدة، بل أيضاً في تبادل الوفود الرسمية والتجارية المنتظم، والذي يعكس الرغبة المشتركة في تعميق الروابط وتوسيع مجالات التعاون، مما يبشر بمستقبل واعد للعلاقات الاقتصادية الإماراتية الإيطالية في قطاع الطاقة وما بعده.





