جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) تدشن مختبراً متطوراً لدفع الابتكار في الروبوتات والذكاء الاصطناعي بالمملكة
أعلنت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) مؤخرًا عن افتتاح مختبر جديد ومتطور يهدف إلى تعزيز قدرات المملكة العربية السعودية في مجالات الروبوتات والذكاء الاصطناعي. يأتي هذا التدشين ضمن مساعي الجامعة المتواصلة لدعم رؤية السعودية 2030، التي تركز على التحول الاقتصادي وبناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، ويعكس التزام الجامعة بدورها المحوري كقوة دافعة للبحث العلمي والتقني على الصعيدين المحلي والعالمي.

الخلفية والسياق الاستراتيجي
تُعد جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، بفضل بنيتها التحتية البحثية المتقدمة وكوادرها العلمية المتميزة، مركزًا رائدًا للابتكار في المنطقة. وتتجاوز أهمية هذا المختبر الجديد مجرد كونه إضافة أكاديمية، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية أوسع للمملكة تهدف إلى ترسيخ مكانتها كقوة تكنولوجية عالمية. فـرؤية السعودية 2030 تولي اهتمامًا خاصًا بتوطين التقنيات المتقدمة، وتطوير الكفاءات الوطنية، وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد على النفط. ويُعد قطاعا الروبوتات والذكاء الاصطناعي من الركائز الأساسية لتحقيق هذه الأهداف، نظرًا لتأثيرهما المتزايد على الصناعات المختلفة، من التصنيع والخدمات اللوجستية إلى الرعاية الصحية والمدن الذكية.
لطالما كانت كاوست في طليعة المؤسسات التي تساهم في تحقيق هذه الرؤية من خلال أبحاثها الرائدة في مجالات مثل علوم المواد، والطاقة المتجددة، وعلوم البيئة، وعلوم الكمبيوتر. ومع تدشين هذا المختبر، تؤكد الجامعة على التزامها بدعم القطاعات الواعدة التي ستقود عجلة التنمية المستقبلية للمملكة، وتعزيز قدرتها التنافسية في الاقتصاد الرقمي العالمي.
أهداف وإمكانيات المختبر الجديد
صُمم المختبر الجديد ليكون مركزًا للبحث والتطوير والابتكار في أحدث تقنيات الروبوتات والذكاء الاصطناعي. وتشمل أهدافه الرئيسية ما يلي:
- تطوير حلول مبتكرة: التركيز على البحث المتقدم لتطوير أنظمة روبوتية ذكية وحلول ذكاء اصطناعي يمكن تطبيقها في تحديات المملكة المحلية والعالمية، مثل تحسين كفاءة العمليات الصناعية، وتطوير أنظمة النقل الذكي، وتعزيز الرعاية الصحية.
- بناء القدرات الوطنية: توفير بيئة تعليمية وبحثية متطورة لجذب وتدريب أفضل المواهب السعودية، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لقيادة الابتكار في هذه المجالات الحيوية.
- تعزيز التعاون: العمل كمنصة للتعاون بين الأوساط الأكاديمية والصناعية والجهات الحكومية، لدفع عجلة البحث التطبيقي وتحويل الاكتشافات العلمية إلى منتجات وخدمات ذات قيمة اقتصادية.
- استقطاب الخبرات العالمية: استقطاب الباحثين والخبراء العالميين للعمل في المختبر، مما يسهم في تبادل المعرفة والخبرات ورفع مستوى البحث العلمي في المملكة.
يزخر المختبر بأحدث التقنيات والمعدات، بما في ذلك روبوتات متطورة للتعاون البشري والآلي، ومنصات للرؤية الحاسوبية، وأنظمة محاكاة متقدمة، بالإضافة إلى قدرات حاسوبية فائقة لمعالجة البيانات الضخمة وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة. وستتركز الأبحاث على عدة مجالات رئيسية، منها الروبوتات المستقلة، والتعلم الآلي العميق، ومعالجة اللغات الطبيعية، والتفاعل بين الإنسان والروبوت، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الأمن السيبراني والتحليل التنبؤي.
الأهمية الاستراتيجية والأثر المتوقع
يحمل تدشين هذا المختبر أهمية استراتيجية بالغة للمملكة على عدة مستويات:
- الريادة التكنولوجية: سيعزز مكانة السعودية كمركز إقليمي ودولي للابتكار في الروبوتات والذكاء الاصطناعي، ويسهم في تحقيق الريادة في هذه التقنيات المستقبلية.
- التنويع الاقتصادي: يدعم الجهود الرامية لتنويع الاقتصاد من خلال خلق صناعات جديدة قائمة على التكنولوجيا المتقدمة، وتوفير فرص عمل نوعية للشباب السعودي.
- تحسين جودة الحياة: ستسهم مخرجات البحث والتطوير في المختبر في تحسين جودة الحياة في المملكة، من خلال تطبيقات مبتكرة في مجالات الصحة، والتعليم، والنقل، والمدن الذكية، مثل مشروع نيوم.
- الأمن السيبراني والدفاع: يمكن أن تساهم الأبحاث في تطوير حلول ذكاء اصطناعي لتعزيز الأمن السيبراني والقدرات الدفاعية للمملكة.
من المتوقع أن يلعب المختبر دورًا حيويًا في دفع الابتكار محليًا، ليس فقط من خلال الأبحاث المنشورة، ولكن أيضًا عبر إطلاق براءات اختراع، وتأسيس شركات ناشئة، وتطوير منتجات وتقنيات يمكن تسويقها تجاريًا. وهذا بدوره سيخلق نظامًا بيئيًا متكاملًا للابتكار، يجذب المزيد من الاستثمارات ويحفز النمو الاقتصادي.
بناء نظام بيئي متكامل للابتكار
لا يقتصر دور المختبر على البحث الأكاديمي، بل يمتد ليشمل بناء جسور قوية مع القطاع الخاص والجهات الحكومية. تهدف كاوست من خلال هذا المختبر إلى أن تكون محفزًا للشراكات الاستراتيجية، حيث ستُتاح للشركات فرصة الوصول إلى أحدث الأبحاث والتقنيات، والمشاركة في مشاريع تطوير مشتركة. كما سيعمل المختبر على إطلاق برامج تدريبية وورش عمل متخصصة، لضمان أن يكون الجيل القادم من المهندسين والعلماء السعوديين مجهزًا بالمهارات اللازمة للعمل في هذه الصناعات سريعة النمو.
يُعد هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف المملكة في أن تصبح رائدة عالميًا في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وتأكيدًا على التزام كاوست بدفع حدود المعرفة وتطبيقها لخدمة التنمية المستدامة والازدهار في المملكة العربية السعودية.



