جامعة سعودية تطلق "شاهين 3": أقوى حاسوب عملاق بالشرق الأوسط
أعلنت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بالمملكة العربية السعودية، في مطلع عام 2024، عن إطلاق نظامها الجديد للحوسبة الفائقة، "شاهين 3"، الذي يمثل قفزة نوعية في القدرات البحثية للمنطقة. ويُعتبر هذا الحاسوب العملاق الأقوى من نوعه في الشرق الأوسط، ويضع المملكة في طليعة الدول الرائدة عالمياً في مجال الحوسبة عالية الأداء.

تُعد هذه الخطوة إنجازاً بارزاً لكاوست، التي تمتلك تاريخاً طويلاً في تطوير وتشغيل أنظمة الحواسيب العملاقة. فقد سبقت "شاهين 3" نسختان سابقتان، هما "شاهين 1" و"شاهين 2"، اللتان كان لهما دور محوري في دعم الأبحاث العلمية المتقدمة عبر مجموعة واسعة من التخصصات. وقد مكنت هذه الأنظمة الباحثين من معالجة كميات هائلة من البيانات وإجراء محاكاة معقدة، مما ساهم في تحقيق اكتشافات علمية مهمة.
قدرات "شاهين 3" التكنولوجية
يمثل نظام "شاهين 3" نقلة نوعية من حيث القوة والأداء، حيث تم تصميمه بواسطة شركة Hewlett Packard Enterprise (HPE) من طراز Cray CS500. يعتمد الحاسوب على معالجات NVIDIA Grace Hopper Superchip، وهي بنية حديثة تجمع بين وحدات المعالجة المركزية (CPU) ووحدات معالجة الرسوميات (GPU) في رقاقة واحدة، مما يوفر كفاءة حوسبية غير مسبوقة. تبلغ قدرة ذروة الأداء النظرية للحاسوب 121 بيتافلوب (مائة وواحد وعشرون كوادريليون عملية فاصلة عائمة في الثانية)، مما يجعله يحتل مراكز متقدمة ضمن قائمة أقوى الحواسيب العملاقة في العالم (TOP500).
ولضمان استدامته وكفاءته، يتميز "شاهين 3" بنظام تبريد سائل متقدم، مما يساهم في تقليل استهلاك الطاقة ويجعله واحداً من أكثر الحواسيب العملاقة كفاءة في العالم، حيث يحتل أيضاً مرتبة متقدمة في قائمة الحواسيب العملاقة الأكثر خضرة (Green500). تتيح هذه القدرات الهائلة للباحثين إجراء أبحاث متطورة في مجالات تتطلب قوة حاسوبية فائقة.
أهمية "شاهين 3" وتأثيره الاستراتيجي
لا يقتصر دور "شاهين 3" على مجرد كونه أداة علمية فحسب، بل يمتد تأثيره ليطال التوجهات الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية. فهو يدعم بشكل مباشر أهداف رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد وبناء مجتمع معرفي مزدهر. من أبرز مجالات البحث التي سيدعمها الحاسوب العملاق:
- الذكاء الاصطناعي: تسريع تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتقدمة.
- علوم المناخ والطاقة: نمذجة التغيرات المناخية، وتطوير حلول الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة.
- علوم المواد: تصميم مواد جديدة ذات خصائص فريدة للاستخدامات الصناعية والتقنية.
- البيولوجيا وعلوم الجينوم: فهم الأمراض وتطوير أدوية وعلاجات جديدة، وتحليل البيانات الجينية المعقدة.
- الهندسة والمحاكاة: إجراء محاكاة معقدة في مجالات مثل ديناميكا الموائع الحسابية والتصميم الهندسي.
يساهم "شاهين 3" في تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي ودولي للابتكار والبحث العلمي، ويجذب أفضل المواهب والباحثين إلى كاوست والمملكة. كما أنه يعزز القدرة التنافسية للمملكة في الاقتصاد العالمي القائم على المعرفة، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي في المشاريع العلمية الكبرى.
يمثل إطلاق "شاهين 3" مؤشراً واضحاً على التزام المملكة العربية السعودية بالاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية المتقدمة لدفع عجلة الاكتشاف العلمي والابتكار، مما سيؤثر إيجاباً على مستقبل البحث والتطوير في المنطقة والعالم.




