جدعون ساعر يصف محكمة العدل الدولية بـ 'سيرك سياسي' بعد قرار بشأن غزة
أطلق وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، انتقادات حادة لمحكمة العدل الدولية، واصفاً إياها بـ "سيرك سياسي فاسد" و"سلاح بيد أعداء إسرائيل". جاءت هذه التصريحات في أعقاب صدور رأي استشاري تاريخي من المحكمة في يوليو 2024، اعتبر أن سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وطالب بإنهاء الاحتلال. ويعكس هذا الهجوم الموقف الإسرائيلي الرسمي الرافض لقرارات الهيئات القضائية الدولية التي تتناول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

تفاصيل التصريحات والموقف الإسرائيلي
في سلسلة من البيانات التي نُشرت عقب إعلان المحكمة، أكد ساعر أن المحكمة تجاهلت، على حد قوله، التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل والهجمات التي تعرضت لها. واتهم المحكمة بالانحياز السياسي وتبني رواية معادية لإسرائيل، مشيراً إلى أن قرارها يفتقر إلى الشرعية الأخلاقية والقانونية من وجهة نظر حكومته. ولم تقتصر هذه الانتقادات على ساعر وحده، بل تمثل موقفاً أوسع داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث أصدر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بياناً مماثلاً يرفض رأي المحكمة بشكل قاطع ويؤكد أن إسرائيل ستواصل حماية مواطنيها.
تعتبر هذه اللهجة الحادة استمراراً لنهج إسرائيلي قائم على التشكيك في حيادية المؤسسات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة وهيئاتها القضائية. وترى إسرائيل أن هذه المؤسسات غالباً ما تُستخدم كمنصات لتوجيه اتهامات غير متوازنة ضدها، دون الأخذ في الاعتبار السياق الأمني الأوسع للصراع.
خلفية الرأي الاستشاري لمحكمة العدل
يأتي هجوم ساعر رداً على رأي استشاري غير ملزم قانونياً، ولكنه يحمل وزناً سياسياً وقانونياً كبيراً، أصدرته محكمة العدل الدولية في لاهاي. جاء هذا الرأي بناءً على طلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2022، أي قبل التصعيد الأخير في المنطقة. وقد خلصت المحكمة بأغلبية قضاتها إلى أن الوجود الإسرائيلي الطويل الأمد في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، غير قانوني بموجب القانون الدولي.
ودعت المحكمة إسرائيل إلى اتخاذ خطوات فورية لإنهاء احتلالها، وتفكيك المستوطنات، وإلغاء جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التمييزية. كما طالبت بتقديم تعويضات للفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم. بالإضافة إلى ذلك، أوضح الرأي الاستشاري أن على جميع الدول الأخرى التزاماً بعدم الاعتراف بهذا الوضع غير القانوني والتعاون لإنهاء الاحتلال عبر الوسائل السلمية.
من المهم التمييز بين هذا الرأي الاستشاري والقضية الأخرى المرفوعة ضد إسرائيل من قبل جنوب إفريقيا، والتي تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة. فرغم أن القضيتين تتعلقان بسلوك إسرائيل، إلا أنهما مساران قانونيان منفصلان ولهما أسس مختلفة.
الأهمية والتداعيات المحتملة
يحمل هذا التطور أهمية بالغة لعدة أسباب، حيث يزيد من الضغوط الدبلوماسية والقانونية على إسرائيل في الساحة الدولية. ويمكن تلخيص أبرز التداعيات المحتملة في النقاط التالية:
- تعميق العزلة الدبلوماسية: يعزز الرأي الاستشاري موقف الدول التي تنتقد السياسات الإسرائيلية وقد يشجع دولاً أخرى على اتخاذ مواقف أكثر صرامة، مثل فرض عقوبات أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
- أساس للتحركات المستقبلية: يمكن أن يستخدم الفلسطينيون وحلفاؤهم هذا الرأي كأساس قانوني للمطالبة بإجراءات إضافية في هيئات دولية أخرى، مثل مجلس الأمن الدولي أو المحكمة الجنائية الدولية.
- التأثير على الحلفاء: يضع الرأي الاستشاري حلفاء إسرائيل، خاصة في الغرب، في موقف حرج، حيث يتعين عليهم الموازنة بين دعمهم لإسرائيل والتزامهم بالقانون الدولي وقرارات المحكمة.
- دعم الرواية الفلسطينية: من الناحية الرمزية، يعتبر القرار انتصاراً كبيراً للسلطة الفلسطينية التي تتبع استراتيجية تدويل الصراع والسعي للحصول على الدعم من المؤسسات القانونية العالمية.
وفي الختام، فإن رد الفعل الإسرائيلي القوي على لسان وزير الخارجية جدعون ساعر يسلط الضوء على الهوة المتزايدة بين موقف إسرائيل من جهة، والإجماع القانوني الدولي المتشكل حول قضية الاحتلال من جهة أخرى، مما ينذر بمزيد من المواجهات الدبلوماسية في المستقبل.





