جدل تجنيس المصارع "كيشو": بطل مصر الأولمبي يعلن تمثيله لأمريكا
في تطور أثار صدمة واسعة في الأوساط الرياضية المصرية، أعلن المصارع محمد إبراهيم "كيشو"، الحاصل على الميدالية البرونزية في المصارعة الرومانية في أولمبياد طوكيو 2020، عن بدء إجراءات تمثيل الولايات المتحدة الأمريكية في المحافل الدولية. جاء هذا الإعلان، الذي تم عبر حسابه الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي في مطلع أكتوبر 2024، ليفتح الباب مجددًا أمام النقاش حول هجرة المواهب الرياضية والتحديات التي تواجه الأبطال في مصر.

خلفية الأزمة وبطل من طراز فريد
يُعد محمد إبراهيم السيد، المعروف بلقب "كيشو"، أحد أبرز نجوم المصارعة في مصر خلال العقد الأخير. لم تكن مسيرته سهلة، حيث كافح ليحقق حلمه الأولمبي الذي تُوّج بحصوله على برونزية وزن 67 كجم في أولمبياد طوكيو، وهي ميدالية أعادت المصارعة المصرية إلى منصات التتويج الأولمبية بعد غياب طويل. هذا الإنجاز التاريخي منحه مكانة خاصة لدى الجماهير المصرية وجعله رمزًا للإصرار والموهبة.
لكن خلف هذا النجاح، كانت هناك أزمات متكررة. فمنذ عودته من طوكيو، اشتكى كيشو علنًا في أكثر من مناسبة من التجاهل وعدم حصوله على التقدير المادي والمعنوي اللائق، بالإضافة إلى تأخر مستحقاته المالية من الاتحاد المصري للمصارعة. وقد أشار في تصريحات سابقة إلى أن الأوضاع الصعبة التي يمر بها الأبطال قد تدفعهم لاتخاذ قرارات صعبة، وهو ما تحقق بالفعل في قراره الأخير.
تفاصيل الإعلان ودوافعه
في منشوره المفاجئ، كشف كيشو أنه اتخذ "الخطوة الأولى" في طريق طويل وصعب للحصول على فرصة لتمثيل علم آخر، مشيرًا إلى الولايات المتحدة كوجهته المقبلة. وأرجع قراره إلى ما وصفه بـ"سنوات من التجاهل" والشعور بالإحباط العميق من المنظومة الرياضية في مصر، مؤكدًا أنه لم يجد الدعم الكافي لمواصلة مسيرته وتحقيق طموحاته تحت العلم المصري. لم يكن قراره وليد اللحظة، بل جاء نتاج تراكمات من الخلافات مع الاتحاد وشعوره بعدم التقدير، خاصة فيما يتعلق بالدعم المالي اللازم للاستعداد للبطولات الكبرى.
ردود الفعل الرسمية والشعبية
أحدث قرار كيشو حالة من الجدل الكبير، وانقسمت ردود الفعل بين متعاطف مع اللاعب ومهاجم للاتحاد، وقليل انتقد قراره بالرحيل. على المستوى الرسمي، سادت حالة من الارتباك داخل وزارة الشباب والرياضة والاتحاد المصري للمصارعة.
- وزارة الشباب والرياضة: أصدرت الوزارة بيانًا أكدت فيه تواصلها مع اللاعب لبحث أسباب قراره ومحاولة إثنائه عنه، مشددة على التزامها بدعم جميع الأبطال الأولمبيين.
- الاتحاد المصري للمصارعة: عبر مسؤولون في الاتحاد عن صدمتهم من القرار، وأشاروا إلى أنهم كانوا بصدد حل المشكلات المالية للاعب، وأنهم لم يتلقوا أي إخطار رسمي منه بشأن تغيير ولائه الرياضي.
- الرأي العام: على منصات التواصل الاجتماعي، تعاطف قطاع واسع من الجمهور مع كيشو، معتبرين أن رحيله يمثل خسارة كبيرة للرياضة المصرية ويكشف عن خلل إداري في التعامل مع المواهب.
التأثير على الرياضة المصرية وظاهرة التجنيس
تُسلط قضية كيشو الضوء على ظاهرة "تجنيس الرياضيين" التي أصبحت تؤرق الرياضة المصرية والعربية بشكل عام. فغياب الدعم المادي المستقر، وعدم وجود خطط رعاية طويلة الأمد، بالإضافة إلى البيروقراطية في الاتحادات الرياضية، كلها عوامل تدفع أفضل المواهب للبحث عن فرص في الخارج. قضية كيشو ليست الأولى من نوعها، لكنها الأكثر تأثيرًا نظرًا لكونه بطلاً أولمبيًا لا يزال في قمة عطائه. يمثل رحيله المحتمل ضربة قوية لطموحات المصارعة المصرية قبل أولمبياد لوس أنجلوس 2028، ويطرح أسئلة ملحة حول مستقبل إدارة المواهب الرياضية في البلاد وسبل الحفاظ عليها.





