جدل حول مستقبل المصارعة المصرية بعد قرار لاعب شاب تمثيل دولة أجنبية
أثارت واقعة اختفاء مصارع مصري شاب خلال بطولة دولية مؤخراً، عاصفة من الجدل حول ظاهرة هجرة المواهب الرياضية في مصر، لتسلط الضوء مجدداً على التحديات التي تواجه الرياضيين الشباب وتدفعهم للبحث عن مستقبلهم المهني خارج البلاد. وتعتبر هذه الحادثة، التي كان بطلها اللاعب أحمد فؤاد بغدودة، الأحدث في سلسلة من الوقائع المماثلة التي شهدتها الرياضة المصرية على مدار السنوات الماضية، بما في ذلك حالات للاعبين استقروا في الولايات المتحدة وأوروبا.

تفاصيل أحدث القضايا: واقعة أحمد بغدودة
في مايو 2023، وخلال منافسات البطولة الأفريقية للمصارعة التي أقيمت في تونس، اختفى المصارع الشاب أحمد فؤاد بغدودة من مقر إقامة البعثة المصرية بشكل مفاجئ. جاء هذا الاختفاء بعد ساعات قليلة من فوزه بالميدالية الفضية في وزن 67 كغم للمصارعة الرومانية، وهو إنجاز كان من المفترض أن يكون نقطة انطلاق لمسيرته الدولية مع المنتخب المصري. بعد أيام من البحث والترقب، ظهر بغدودة في فرنسا، مما أكد الأنباء حول قراره بمغادرة المنتخب الوطني بشكل نهائي والسعي لمواصلة مسيرته الرياضية في أوروبا.
الأسباب والدوافع وراء هجرة الرياضيين
كشفت تصريحات منسوبة لأسرة اللاعب والمقربين منه عن الدوافع التي قد تكون وراء قراره، والتي تمثل صدى لمشكلات يعاني منها العديد من الرياضيين في مصر. تمحورت الأسباب بشكل أساسي حول الجانب المادي وضعف الدعم المقدم من الجهات المسؤولة. وذُكر أن الراتب الشهري الذي كان يتقاضاه بغدودة من اتحاد المصارعة لا يتجاوز 2200 جنيه مصري، وهو مبلغ زهيد لا يتناسب مع حجم التفرغ والجهد المطلوب من رياضي دولي. بالإضافة إلى ذلك، أشار منتقدون للمنظومة الرياضية إلى غياب التقدير المعنوي والرعاية المتكاملة التي تشمل التأهيل النفسي والبدني وتوفير فرص عمل أو عقود رعاية تضمن للاعبين الاستقرار المادي.
ردود الفعل الرسمية والجدل المجتمعي
تباينت ردود الفعل بشكل حاد عقب انتشار الخبر. من جهته، أصدر الاتحاد المصري للمصارعة بياناً أدان فيه ما وصفه بـ "هروب" اللاعب، مؤكداً أنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية ضده. وعلى صعيد متصل، أصدرت وزارة الشباب والرياضة المصرية قراراً بفتح تحقيق عاجل في الواقعة للوقوف على ملابساتها وتحديد المسؤوليات. أما على المستوى الشعبي، فقد انقسمت الآراء؛ فبينما رأى البعض في تصرف اللاعب خيانة لبلده، تعاطف آخرون معه واعتبروا قراره نتيجة طبيعية للإهمال الذي يتعرض له الأبطال الرياضيون، مطالبين بإصلاحات جذرية في المنظومة الرياضية بأكملها.
سياق أوسع لظاهرة متكررة
لم تكن قضية بغدودة هي الأولى من نوعها، بل جاءت ضمن سياق أوسع لظاهرة باتت تؤرق الرياضة المصرية. فعلى مدار الأعوام السابقة، تكررت حوادث مماثلة في رياضات مختلفة، وخاصة في الألعاب الفردية. ومن أبرز الأمثلة في رياضة المصارعة:
- محمد عصام: مصارع دولي آخر غادر معسكر المنتخب أثناء تواجده في الولايات المتحدة للمشاركة في إحدى البطولات عام 2022، وقرر عدم العودة والاستقرار هناك لمواصلة مسيرته.
- طارق عبد السلام: مصارع سابق حصل على الجنسية البلغارية ومثّل بلغاريا في المحافل الدولية محققاً نجاحات لافتة، بعد أن شعر بعدم التقدير في مصر.
تمتد هذه الظاهرة إلى رياضات أخرى مثل كرة اليد ورفع الأثقال، مما يشير إلى وجود مشكلات هيكلية تتجاوز اتحاداً رياضياً بعينه.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
تكمن أهمية هذه القضية في كونها جرس إنذار للمسؤولين عن الرياضة في مصر. فهي لا تمثل خسارة موهبة رياضية واعدة فحسب، بل تكشف عن ثغرات عميقة في نظام رعاية المواهب والاحتفاظ بها. وقد دفعت هذه الواقعة إلى المطالبة بمراجعة شاملة لسياسات الدعم المالي، وتوفير عقود احترافية تليق بالرياضيين الدوليين، وخلق بيئة عمل محفزة تضمن لهم مستقبلاً آمناً. ويبقى التحدي الأكبر هو تحويل هذا الجدل إلى خطوات عملية تمنع تكرار مثل هذه الحوادث وتحافظ على ثروة مصر من المواهب الرياضية.





