جريمة المنشار: أم تطالب بإعدام ابنها بعد قتله صديقه وتقطيعه
في واحدة من القضايا التي هزت الرأي العام في مصر أواخر عام 2023، تصدرت "جريمة المنشار" عناوين الأخبار ليس فقط لبشاعتها، بل للموقف الصادم الذي اتخذته والدة الجاني، حيث طالبت علناً بتوقيع أقصى عقوبة على ابنها، وهي الإعدام، في واقعة جرت أحداثها في منطقة دهشور بمحافظة الجيزة.

خلفية الجريمة وتفاصيلها المروعة
تعود جذور القضية إلى علاقة صداقة كانت تجمع بين الشاب محمد سعد، المتهم، والضحية قاسم. ووفقاً للتحقيقات، نشأ خلاف مالي بين الصديقين، قيل إنه يتعلق بدراجة نارية أو ديون مالية، وهو ما دفع المتهم إلى التخطيط للتخلص من صديقه بطريقة وحشية.
استدرج المتهم صديقه إلى ورشة نجارة يملكها، وهناك أقدم على قتله. ولإخفاء معالم جريمته، قام بفعلته التي أكسبت القضية اسمها، حيث استخدم منشاراً كهربائياً لتقطيع جثة الضحية إلى عدة أجزاء، في محاولة منه لتسهيل عملية التخلص منها وتضليل العدالة.
بعد ارتكاب الجريمة، وضع الجاني أجزاء الجثة في أكياس وقام بإلقائها في مناطق متفرقة، معتقداً أنه بذلك سيفلت من العقاب. إلا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف ملابسات اختفاء الضحية بسرعة، وتوصلت خيوط البحث إلى صديقه محمد سعد باعتباره المشتبه به الرئيسي.
موقف الأم الصادم: "اللي عمله ما يتغفرش"
كان رد فعل والدة المتهم هو العنصر الأكثر إثارة للجدل في القضية، حيث خرجت في وسائل الإعلام لتعلن تبرؤها من فعلة ابنها، وتطالب بالقصاص العادل منه. وقد عبّرت عن صدمتها وألمها قائلة إن ما فعله ابنها "لا يُغتفر"، مؤكدة أنها لن تسامحه على جريمته البشعة التي لم تقتل الضحية فحسب، بل قتلت عائلتها بأكملها معنوياً.
أصبح مطلبها بإعدام ابنها حديث المجتمع، حيث اعتبره الكثيرون دليلاً قاطعاً على فداحة الجرم الذي ارتكبه، والذي تجاوز بقدرته على الصدمة حتى أقرب الروابط الإنسانية، وهي رابطة الأمومة. وقد أكدت في تصريحاتها أنها هي من ربت الضحية، وكانت تعتبره ابناً لها، مما زاد من عمق مأساتها الشخصية.
التحقيقات ومسار القضية
بعد القبض عليه، انهار المتهم محمد سعد واعترف تفصيلياً بارتكاب الجريمة، وكشف عن الدافع المالي وراءها. وقام بتمثيل جريمته أمام فريق من النيابة العامة، موضحاً كيفية استدراجه للضحية وقتله وتقطيع جثته والتخلص منها. وبناءً على اعترافاته والأدلة التي تم جمعها، تمت إحالته إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، المقترنة بجناية التمثيل بالجثة.
الحكم القضائي وتداعياته
بعد عدة جلسات، أصدرت محكمة جنايات الجيزة في أوائل عام 2024 حكمها في القضية. وبعد أخذ الرأي الشرعي لفضيلة مفتي الجمهورية، قضت المحكمة حضورياً بالإعدام شنقاً للمتهم محمد سعد، جزاءً لما اقترفه. لاقى الحكم ترحيباً واسعاً من الرأي العام وأسرة الضحية، الذين رأوا فيه تحقيقاً للعدالة والقصاص.
تركت "جريمة المنشار" أثراً عميقاً في المجتمع، مسلطة الضوء على مدى العنف الذي يمكن أن تصل إليه الخلافات الشخصية، كما أنها قدمت نموذجاً نادراً لأم تغلبت فيها مشاعر العدالة والرفض المطلق للجريمة على عاطفة الأمومة، لتظل قصتها جزءاً لا يُنسى من تفاصيل هذه القضية المأساوية.





