جهود وساطة قطرية مصرية مكثفة لإنهاء الحرب في غزة
تتصدر جهود دبلوماسية مكثفة تقودها كل من قطر ومصر، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، المشهد الدولي في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. تهدف هذه المفاوضات المعقدة إلى إنهاء الصراع المدمر الذي اندلع في 7 أكتوبر 2023، وتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى معالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.

خلفية الجهود الدبلوماسية وأدوار الوسطاء
منذ بداية الأزمة، برزت كل من القاهرة والدوحة كوسيطين رئيسيين نظرًا لأدوارهما التاريخية وعلاقاتهما الفريدة مع أطراف النزاع. تلعب مصر دورًا حيويًا بحكم جغرافيتها، حيث تشترك في حدود مع قطاع غزة وتسيطر على معبر رفح، الذي يعد شريان الحياة الرئيسي للقطاع. كما تمتلك مصر خبرة طويلة في التوسط بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، مدعومة بعلاقات أمنية وسياسية راسخة.
في المقابل، تتمتع قطر بقنوات اتصال مباشرة ومفتوحة مع قيادة حركة حماس السياسية التي تستضيفها في الدوحة، مما يمنحها قدرة فريدة على نقل الرسائل والتفاوض المباشر بشكل لا يستطيعه العديد من الفاعلين الدوليين الآخرين. وتعمل الولايات المتحدة كشريك أساسي في هذه الوساطة، حيث تمارس ضغوطًا دبلوماسية على إسرائيل وتساعد في صياغة مقترحات تكون مقبولة للطرفين.
تفاصيل المقترحات ومراحل المفاوضات
تركزت المباحثات التي جرت في عواصم مختلفة مثل القاهرة والدوحة وباريس، على إطار عمل مقترح يتكون من عدة مراحل، بهدف تحقيق تهدئة تدريجية وصولًا إلى حل مستدام. ورغم تغير التفاصيل الدقيقة بين جولة وأخرى، إلا أن الهيكل العام للاتفاق المقترح يشمل عادةً ما يلي:
- المرحلة الأولى: تتضمن هدنة مؤقتة لعدة أسابيع، يتم خلالها تبادل عدد من الرهائن المدنيين الإسرائيليين (خاصة النساء والأطفال وكبار السن والمرضى) مقابل إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين. وتشمل هذه المرحلة أيضًا زيادة كبيرة في حجم المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة.
- المرحلة الثانية: تركز على إطلاق سراح بقية الرهائن، بمن فيهم الجنود، مقابل دفعة أخرى من الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام الطويلة. هذه المرحلة مرتبطة بمباحثات أوسع حول تحقيق "هدوء مستدام" في القطاع.
- المرحلة الثالثة: تشمل تبادل الجثامين والرفات، والبدء في خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، ووضع الترتيبات النهائية لإنهاء الحصار والحرب بشكل دائم.
التحديات والعقبات الرئيسية
على الرغم من الجهود الحثيثة، ظل التوصل إلى اتفاق نهائي أمرًا صعب المنال بسبب الخلافات الجوهرية في مواقف الطرفين المتحاربين. تتمثل العقبة الرئيسية في مطالبة حركة حماس بضمانات واضحة لوقف دائم للحرب وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة كشرط أساسي لإتمام الصفقة. وتعتبر الحركة أن أي هدنة مؤقتة لا تضمن ذلك هي مجرد استراحة لإسرائيل لإعادة ترتيب صفوفها واستئناف القتال.
في الجهة المقابلة، تؤكد الحكومة الإسرائيلية أن أهدافها الرئيسية من الحرب هي تفكيك القدرات العسكرية لحماس وإنهاء حكمها في غزة، إلى جانب إعادة جميع الرهائن. وتبدي إسرائيل تحفظًا كبيرًا تجاه الالتزام بإنهاء الحرب بشكل دائم، خشية أن يسمح ذلك لحماس بالبقاء كقوة مسلحة تهدد أمنها في المستقبل.
أهمية الجهود الدبلوماسية والمستجدات
تحظى جهود الوساطة بأهمية قصوى ليس فقط لوقف الكارثة الإنسانية في غزة، ولكن أيضًا لمنع توسع رقعة الصراع ليشمل المنطقة بأكملها. وفي الأسابيع الأخيرة، تزايد الضغط الدولي على الجانبين لإبداء المرونة اللازمة للتوصل إلى حل. يواصل الوسطاء، المصريون والقطريون والأمريكيون، مساعيهم الحثيثة لتقريب وجهات النظر وتعديل المقترحات لتجاوز نقاط الخلاف. ويُنظر إلى نتائج هذه المفاوضات على أنها لحظة مفصلية ستحدد مستقبل الوضع في غزة والاستقرار الإقليمي على المدى الطويل.





