حقيقة إهداء ميسي قميصه لأسيرين إسرائيليين أُفرج عنهما من غزة
انتشر مقطع فيديو بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي في أواخر عام 2023 وبداية عام 2024، يظهر فيه شخصان يُقال إنهما أسيران إسرائيليان أُفرج عنهما من قطاع غزة، وهما يحملان قمصانًا لفريق الأرجنتين لكرة القدم، يُزعم أنها هدية من النجم العالمي ليونيل ميسي وموقعة منه شخصيًا. وقد أثار هذا الادعاء جدلاً واسعًا وتساؤلات حول مدى صحته في ظل التوترات السياسية القائمة.

الخلفية والسياق
جاء انتشار هذا الفيديو في سياق حساس للغاية، بعد تصاعد النزاع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر 2023 وما تلاه من عمليات عسكرية وتبادل للأسرى والمحتجزين. كانت عمليات تبادل الأسرى التي تمت خلال هدنات مؤقتة، محط أنظار العالم، حيث أُفرج عن عدد من المدنيين الإسرائيليين المحتجزين في غزة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وفي خضم هذه الأحداث، يتابع الرأي العام العالمي كل تفصيل يتعلق بالوضع الإنساني والسياسي، وتلعب الشائعات والمعلومات المضللة دورًا كبيرًا في تشكيل الروايات.
يُعد ليونيل ميسي أحد أشهر الرياضيين في العالم، وتُراقب تصرفاته ومواقفه عن كثب من قبل ملايين المعجبين حول الكوكب. أي ارتباط لاسمه بقضايا سياسية أو إنسانية حساسة يكتسب فورًا اهتمامًا إعلاميًا وجماهيريًا هائلاً، مما يجعله عرضة لاستغلال اسمه في حملات المعلومات أو التضليل.
تفاصيل الادعاء وانتشاره
أظهر الفيديو المتداول شخصين يُعرفان لاحقًا على أنهما أسيران إسرائيليان سابقان، وهما يستعرضان قميصين أرجنتينيين يحملان الرقم 10، مع توقيع منسوب إلى ميسي. رافق الفيديو ادعاءات بأن النجم الأرجنتيني قد أرسل هذه القمصان خصيصًا لهذين الشخصين كبادرة دعم بعد إطلاق سراحهما. انتشرت هذه الرواية بسرعة البرق عبر منصات مثل X (تويتر سابقًا)، فيسبوك، وتليجرام، وتناقلتها حسابات إخبارية وشخصية على نطاق واسع، وفسرها البعض على أنها موقف سياسي أو إنساني من ميسي.
تكمن أهمية هذا الخبر في قدرته على التأثير على الرأي العام، حيث يمكن لادعاء كهذا، إذا كان صحيحًا، أن يُنظر إليه كدعم من شخصية عالمية لأحد طرفي النزاع، مما يثير ردود فعل متباينة بين التأييد والمعارضة، ويضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى السرديات المحيطة بالصراع.
التحقق من الحقائق والاستجابات
بالنظر إلى حساسية الموضوع وسرعة انتشار الادعاء، سارعت العديد من وكالات الأنباء ومؤسسات التحقق من الحقائق إلى البحث في صحة الفيديو والرواية المصاحبة له. وقد كشفت التحقيقات أن الادعاء بأن ميسي أهدى القمصان مباشرة للأسيرين المفرج عنهما لا يستند إلى أي دليل موثوق به.
- لم يصدر أي بيان رسمي من جانب ليونيل ميسي أو ممثليه يؤكد إهداءه لهذه القمصان بالتحديد لهؤلاء الأفراد.
- لم تقدم الجهات التي نشرت الفيديو دليلاً ملموسًا على أن القمصان كانت هدية مباشرة من ميسي، أو أن التوقيعات عليها كانت أصلية بالفعل من توقيعه الخاص وفي هذه المناسبة.
- عادةً ما تكون تصرفات الشخصيات العامة البارزة موثقة جيدًا من خلال قنواتهم الرسمية أو وسائل الإعلام الموثوقة، ولم يحدث ذلك في هذه الحالة.
- تشير التحليلات إلى أن القمصان يمكن أن تكون قد تم الحصول عليها من خلال عائلات الأسرى أو داعميهم، أو حتى شراؤها، ثم تم تداولها في سياق تسليط الضوء على قصص المفرج عنهم، وقد يكون التوقيع عليها غير أصلي أو من توقيع شخص آخر.
خلصت العديد من تقارير التحقق من الحقائق إلى أن الفيديو لا يثبت على الإطلاق أن ميسي هو من أهدى القمصان مباشرة، وأن القصة المتداولة هي على الأرجح جزء من حملة معلوماتية أو سوء فهم للاستفادة من شهرة النجم الكروي.
دوافع الانتشار والتأثير
تُعد حوادث من هذا القبيل مثالاً على كيفية استغلال شهرة الشخصيات العامة في نشر روايات معينة، لا سيما في أوقات النزاعات. يمكن أن تكون الدوافع وراء نشر مثل هذه الادعاءات متعددة:
- الدعاية: محاولة لتعزيز رواية معينة أو كسب تعاطف دولي لقضية ما من خلال ربطها بشخصية محبوبة عالميًا.
- التضليل: نشر معلومات غير دقيقة لخلق بلبلة أو التأثير على الرأي العام.
- البحث عن الاهتمام: رغبة في جذب الانتباه للمفرج عنهم وقصصهم، حتى لو تطلب ذلك إضافة عنصر غير مؤكد مثل هدية من ميسي.
يُبرز هذا الحادث أهمية التفكير النقدي والتحقق من المصادر في عصر المعلومات الرقمية، حيث يمكن للشائعات أن تنتشر أسرع من الحقائق، خاصة عندما تتعلق بشخصيات ذات تأثير واسع وتُسقط في سياقات سياسية مشحونة.
الخلاصة
بناءً على التحقيقات التي أجرتها جهات مستقلة وموثوقة، تبين أن الادعاء بأن النجم ليونيل ميسي أهدى قميصه لأسيرين إسرائيليين أُفرج عنهما من غزة هو ادعاء غير مؤكد ولا يوجد ما يدعمه من أدلة قاطعة. بينما أظهر الفيديو بالفعل الأسيرين المفرج عنهما يحملان قمصان الأرجنتين، إلا أن ربط هذه القمصان بهدية مباشرة من ميسي نفسه كان مجرد شائعة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دون سند حقيقي. يبقى الدور الفعلي لميسي في هذه القضية غير مثبت، ويؤكد هذا الحادث على ضرورة توخي الحذر عند التعامل مع الأخبار المتداولة في الأوساط الرقمية، وخاصة تلك المتعلقة بالشخصيات العامة في سياقات حساسة.





