حماس تصر على رفض تسليم سلاحها ما لم تقم دولة فلسطينية، في إطار خطة ترامب
أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس بشكل قاطع، وفي مواقف متتالية تعود إلى فترة طرح خطة السلام الأمريكية المعروفة باسم "صفقة القرن" من قبل إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، رفضها التام تسليم سلاحها. وربطت الحركة هذا الموقف بتحقيق شرط محوري وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة كاملة على أراضيها. هذه التصريحات، التي تعكس عقيدة راسخة لدى الحركة، تبرز حجم التحديات والخلافات الجوهرية التي تعترض أي مساعٍ للتوصل إلى تسوية سلمية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتؤكد على استمرار حماس في التمسك بخيار المقاومة المسلحة كاستراتيجية لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني.

سياق خطة ترامب للسلام "صفقة القرن"
في أواخر يناير من عام 2020، كشفت إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب عن رؤيتها للسلام في الشرق الأوسط، والتي أُطلق عليها شعبياً اسم "صفقة القرن". كان الهدف المعلن من الخطة هو إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود، لكنها قوبلت برفض واسع النطاق من الجانب الفلسطيني ومؤسسات عربية ودولية عديدة. المقترح الأمريكي، الذي جاء بعد سنوات من التحضير، تضمن بنوداً رئيسية اعتبرها الفلسطينيون منحازة تماماً لإسرائيل. فمن جهة، نصت الخطة على الاعتراف بالقدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، وتثبيت المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية كجزء دائم من إسرائيل. ومن جهة أخرى، اقترحت إقامة دولة فلسطينية مستقبلية على أراضٍ محدودة ومجزأة في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع شروط صارمة تتعلق بنزع سلاحها وبأن تكون عاصمتها في ضواحي القدس، وليس القدس الشرقية التاريخية. هذا الطرح أثار غضباً فلسطينياً غير مسبوق، ودفع القيادة الفلسطينية إلى قطع كافة الاتصالات مع الإدارة الأمريكية آنذاك.
موقف حماس الثابت من السلاح والدولة
منذ تأسيسها، تبنت حركة حماس مبدأ المقاومة المسلحة كحق مشروع للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وفي سياق الرد على "صفقة القرن" الأمريكية، شددت قيادات الحركة مراراً وتكراراً على أن التخلي عن سلاحها ليس خياراً مطروحاً إلا في إطار حل شامل يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة كاملة. وتفصيلاً، تتضمن رؤية حماس للدولة الفلسطينية المنشودة النقاط التالية:
- الاعتراف الكامل بالقدس الشرقية عاصمة لها.
 - حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية.
 - السيطرة الكاملة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
 - حرية الحركة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني.
 
تعتبر حماس أن السلاح يمثل أداة ضرورية للدفاع عن النفس وحماية الحقوق الوطنية في ظل استمرار الاحتلال والحصار. وقد أكدت الحركة أن مسألة تحديد شكل وطبيعة القوى الأمنية والدفاعية للدولة الفلسطينية المستقبلية هي قرار سيادي سيُتخذ من قبل الشعب الفلسطيني وحكومته المنتخبة بعد تحقيق التحرير الكامل وإقامة الدولة، وليس نتيجة لشروط خارجية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
التداعيات والآثار على الديناميكية السياسية الفلسطينية والإقليمية
لقد كان لموقف حماس الرافض لخطة ترامب، وإصرارها على عدم تسليم سلاحها دون تحقيق مطالبها الأساسية بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، آثار عميقة على المشهد السياسي. داخلياً، عمّق هذا الموقف الشرخ بين الفصائل الفلسطينية، فبينما رفضت السلطة الفلسطينية الخطة أيضاً، إلا أنها تفضل مسار المفاوضات والدبلوماسية، بينما تصر حماس على خيار المقاومة المسلحة. هذا التباين في الاستراتيجيات يمثل تحدياً كبيراً لأي محاولة توحيد الصف الفلسطيني. إقليمياً ودولياً، أبرزت هذه التصريحات الصعوبة البالغة في تمرير أي حلول للصراع لا تأخذ في الاعتبار تطلعات الشعب الفلسطيني للتحرر والسيادة. كما أن رفض حماس المستمر لشروط نزع السلاح يؤكد أن أي مبادرة سلام مستقبلية تتجاهل هذه القضية الأساسية محكوم عليها بالفشل. تكمن أهمية هذا الخبر في كونه يسلط الضوء على أحد الجوانب الأكثر تعقيداً في الصراع: وهو إصرار حركة مقاومة مسلحة على عدم التخلي عن أدواتها الدفاعية قبل تحقيق أهدافها الوطنية، مما يجعل من أي تسوية تتطلب نزع السلاح مسبقاً أمراً غير واقعي بالنسبة لهم، ويشكل عقبة كبرى أمام الجهود الرامية لإحلال سلام دائم في المنطقة.
يبقى هذا الموقف الثابت من قبل حماس عنصراً حاسماً في فهم الديناميكيات الجارية والمستقبلية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فهو يؤكد على أن أي حل مستقبلي يجب أن يتعامل مع المطالب الفلسطينية الأساسية، وعلى رأسها إقامة الدولة المستقلة، قبل التطرق إلى قضايا حساسة مثل نزع السلاح، مما يجعله تحدياً مستمراً للمساعي الدولية والإقليمية لإيجاد مخرج للأزمة.


