حميدتي يتهم الإخوان بإشعال الحرب في السودان ويتعهد بإنهاء نفوذهم
في تصريحات متكررة، وجه قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات مباشرة لتنظيم الإخوان المسلمين وعناصر النظام السابق بقيادة عمر البشير، المعروفين محلياً بـ"الكيزان"، بتحمل المسؤولية الكاملة عن اندلاع واستمرار الحرب في السودان منذ أبريل 2023. ويقدم حميدتي روايته للصراع على أنه ليس حرباً ضد الجيش السوداني كمؤسسة وطنية، بل معركة ضد من وصفهم بـ"الفلول" و"الإسلاميين المتطرفين" الذين تسللوا إلى قيادة القوات المسلحة بهدف استعادة السلطة وإجهاض التحول الديمقراطي.

خلفية الصراع وتصدع الشراكة
اندلع القتال في العاصمة السودانية الخرطوم في 15 أبريل 2023، بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي. كان الرجلان الحليفين الرئيسيين في الانقلاب العسكري عام 2021 الذي أطاح بالحكومة الانتقالية المدنية، وكانا قبل ذلك شريكين في المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في عام 2019. إلا أن الخلافات تفاقمت بينهما حول قضايا رئيسية، أبرزها خطة دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وتوزيع السلطات ضمن الاتفاق الإطاري الذي كان يهدف إلى إعادة البلاد للمسار الديمقراطي، مما أدى في النهاية إلى اندلاع المواجهات المسلحة.
رواية الدعم السريع: حرب ضد "النظام البائد"
منذ بداية النزاع، عمل حميدتي على تأطير الحرب سياسياً بأنها معركة وجودية ضد عودة النظام الإسلامي الذي حكم السودان لثلاثة عقود. وفي خطاباته ورسائله المصورة، يصر على أن قادة الحركة الإسلامية وعناصر حزب المؤتمر الوطني المنحل هم من أشعلوا فتيل الحرب من داخل قيادة الجيش، مستغلين الخلافات بينه وبين البرهان. ويتهمهم بالسعي لتخريب أي تسوية سياسية تعيد المدنيين إلى السلطة، مؤكداً أن هدفه هو "تخليص الشعب السوداني" من هذا النفوذ وبناء دولة ديمقراطية تقوم على المواطنة المتساوية. وقد جاءت هذه التصريحات في سياقات متعددة، بما في ذلك خلال جولاته الإفريقية أواخر عام 2023 وأوائل 2024، حيث سعى لحشد الدعم الدبلوماسي لروايته.
السياق السياسي ودور الإسلاميين
تعكس اتهامات حميدتي انقساماً عميقاً في المشهد السياسي السوداني. فالحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، اللذان كانا يهيمنان على مفاصل الدولة في عهد البشير، فقدا السلطة رسمياً بعد ثورة ديسمبر 2018، لكن نفوذهما ظل قائماً داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والبيروقراطية. ويرى العديد من المراقبين أن شخصيات بارزة من النظام السابق قد استعادت نشاطها بعد انقلاب 2021، وبدأت تعمل على إعادة ترتيب صفوفها. كما أن البرهان نفسه متهم من قبل خصومه بالتحالف مع هذه العناصر لتعزيز موقفه في مواجهة الدعم السريع، وهو ما يمنح رواية حميدتي بعض المصداقية في أوساط معارضي الحكم العسكري والإسلامي.
الأهمية والتداعيات
تكمن أهمية هذه التصريحات في كونها محاولة من قائد قوات الدعم السريع لتحويل الصراع من مجرد صراع على السلطة بين جنرالين إلى قضية وطنية ذات بعد أيديولوجي. من خلال تقديم نفسه كمدافع عن أهداف الثورة ضد "الدولة العميقة" للنظام البائد، يسعى حميدتي لكسب الشرعية على الصعيدين الداخلي والخارجي. داخلياً، يستهدف كسب تعاطف القوى المدنية والثورية التي تعارض عودة الإسلاميين إلى الحكم. وخارجياً، يرسل رسالة إلى المجتمع الدولي بأن حربه تستهدف منع السودان من التحول مجدداً إلى نظام شمولي. ومع ذلك، يواجه حميدتي وقواته اتهامات واسعة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم حرب، مما يضعف من مصداقية خطابه السياسي لدى قطاعات واسعة من السودانيين والمجتمع الدولي.





