الدور الليبي في حرب السودان: تقارير تكشف دعم حفتر لـ"الدعم السريع" بالسلاح والمرتزقة
يتصاعد الجدل الدولي حول التدخلات الخارجية في الحرب الأهلية السودانية، حيث تشير أدلة وتقارير متزايدة إلى أن المناطق الشرقية من ليبيا، الخاضعة لسيطرة قوات خليفة حفتر، تحولت إلى ممر لوجستي حيوي لدعم قوات «الدعم السريع». هذا الدعم، الذي يُعتقد أنه يتم بتنسيق وتمويل من أطراف إقليمية مثل الإمارات العربية المتحدة، يشمل إرسال أسلحة متطورة ومرتزقة أجانب، مما يساهم في تأجيج الصراع وتقويض جهود السلام الدولية وانتهاك حظر السلاح المفروض على المنطقة.

خلفية الاتهامات والبعد الإقليمي
منذ اندلاع النزاع بين القوات المسلحة السودانية و«الدعم السريع»، لم يعد الصراع شأنًا داخليًا بحتًا. تحولت السودان إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، وبرزت ليبيا كحلقة وصل رئيسية في شبكة الإمدادات العسكرية. تستغل الأطراف المتحاربة حالة عدم الاستقرار في ليبيا لتمرير شحنات الأسلحة والمقاتلين بعيدًا عن الرقابة الدولية. وتشير التحقيقات إلى أن هذا الدعم ليس عشوائيًا، بل يأتي في سياق تحالفات إقليمية معقدة تهدف إلى تغيير موازين القوى في السودان.
تفاصيل الدعم العسكري واللوجستي
كشفت تقارير إعلامية دولية، أبرزها ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن تكثيف دولة الإمارات لعمليات نقل الأسلحة إلى «الدعم السريع» عبر الأراضي الليبية. ووفقًا لمسؤولين غربيين وعرب، فإن هذه العمليات تتم جوًا وبرًا في انتهاك صارخ للقرارات الدولية. وقد وثقت منظمة «مركز المرونة المعلوماتية» في لندن وجود معسكر تدريب تابع لـ«الدعم السريع» في منطقة صحراوية جنوب ليبيا بالقرب من الكفرة، مما يؤكد استخدام الأراضي الليبية كقاعدة خلفية لعملياتهم.
تشمل المساعدات العسكرية المقدمة مجموعة متنوعة من الأسلحة النوعية التي ساهمت في تعزيز القدرات القتالية لـ«الدعم السريع»، ومن أبرزها:
- طائرات مسيّرة صينية الصنع من طراز CH-95.
- أسلحة خفيفة، ومدافع رشاشة ثقيلة، وقطع مدفعية.
- كميات كبيرة من الذخائر والوقود والمركبات العسكرية.
كما اتهم الجيش السوداني بشكل مباشر قوات حفتر بمهاجمة مواقعه الحدودية، في تطور لافت يعكس مدى الانخراط المباشر لهذه القوات في الصراع. إضافة إلى ذلك، أكدت منظمة «مشاد» السودانية أن طائرات مسيرة تابعة لحفتر شاركت في تحديد مواقع المدنيين في مدينة الفاشر، واصفة هذه الأعمال بأنها جرائم حرب.
قضية المرتزقة الأجانب
أحد أخطر جوانب هذا التدخل هو تجنيد مرتزقة أجانب للقتال في صفوف «الدعم السريع». ففي سبتمبر الماضي، كشف تقرير لصحيفة «التلغراف» البريطانية عن وجود مئات المرتزقة الكولومبيين الذين تم خداعهم بعقود عمل وهمية في الإمارات كحراس أمن. وبحسب شهادات، تم نقلهم بعد وصولهم إلى أبو ظبي إلى مدينة بنغازي الليبية، ومنها عبر الصحراء إلى دارفور ليجدوا أنفسهم في قلب المعارك.
وقد قدمت الحكومة السودانية أدلة إلى مجلس الأمن الدولي تفيد بأن شركات أمنية خاصة تتخذ من الإمارات مقرًا لها، مثل «GSSG» و«A4SI»، قامت بتجنيد ما بين 350 إلى 380 مقاتلاً كولومبيًا. وأوضحت الوثائق أن عملية نقلهم تمت عبر ليبيا تحت إشراف ضباط موالين لحفتر. هؤلاء المرتزقة، الذين يعملون ضمن تشكيل يُعرف بـ«ذئاب الصحراء»، اتُهموا بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين.
التداعيات وردود الفعل الدولية
أثار هذا الدعم العسكري الواسع إحباطًا لدى الأوساط الدبلوماسية الغربية، حيث نقل عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الدعم الإماراتي هو ما يبقي «الدعم السريع» في الحرب، مما يعرقل كل محاولات الوساطة لإنهاء النزاع. في المقابل، نفت وزارة الخارجية الإماراتية مرارًا تقديم أي دعم عسكري لأي من طرفي الصراع في السودان، معتبرة هذه التقارير مجرد شائعات. وعلى الرغم من النفي المتكرر من الأطراف المتهمة، تستمر الأدلة الميدانية والتقارير الاستخباراتية في تأكيد وجود جسر إمداد نشط يمر عبر ليبيا، مما يهدد بتوسيع نطاق الحرب وزيادة معاناة الشعب السوداني.




